إذا كانت الغاية تبرر الوسيلة لدى بعض القوى السياسية فلماذا لا تجعل الغاية الخير العام للكافة؟ ولماذا لا تؤمن هذه القوى السياسية بالثوابت الدينية والوطنية والإرادة الكلية للناس ؟ ولماذا تنفرد أو تنسلخ عن المجتمع وتعمد إلى التفكير في العنف لتحقيق أهدافها وغاياتها ؟ لا يدرك الإجابة على هذه الاستفسارات إلا الذين يدركون المعاني والأهداف التي تؤمن بها هذه القوى المحسوبة على السياسة، فلو كانت الغايات نبيلة وسامية وتخدم الصالح العام لما كانت الوسائل المستخدمة في سبيل الوصول إليها غير مشروعة، ولكن لأن الغاية غير مشروعة فإن الوسيلة بدون شك ستكون غير مشروعة، ولأن الغاية والوسيلة غير مشروعتين فإن الشعب يرفض القوى الشريرة الخارجة عن إرادته، ويعلن رفضه المطلق لها ولا يمكن أن يمنح مثل هذه القوى الشريرة الثقة أو يركن عليها في صنع المستقبل. إن الحقائق التي تظهر يوماً بعد يوم تؤكد أن القوى الشريرة لايمكن ان تقبل بما يفيد الكافة ، بل ولا يمكن أن يكون لديها قدر من الثقة فهي شريرة التنازع فيما بينها يضمر الغدر لبعض مكوناتها وتثير الريبة حول نفسها وتضع نفسها في دائرة الشك، وتفسر كل قول أو فعل على غير حقيقته وتحمل الأشياء غير ما تحتمل، الأمر الذي يوصلها إلى حالة التناحر والاقتتال للتخلص من العناصر التي قد تميل إلى الخير العام، أو تسعى لتحقيق غاية المجتمع، الذي ينشد الرفاه والسلام والوئام والمحبة والتسامح، وترى في من يتجه نحو هذا الاتجاه خارجاً ومارقاً على رغبتها، لأن ذلك العنصر سيكون أكثر جماهيرية وقبولاً وتظن انه سينقلب على منهجها الدموي. إن الإرث الثقيل الذي ورثته بعض القوى السياسية من تركة الماضي الدموي قد سيطر على تفكير قياداتها وجعلها في حالة شك دائم وغير قابلة بالتعايش مع الغير مهما كان ذلك القريب حليفاً حميماً ,ولأن فكرة الشك ملازمة لها ,فإنها تسعى دائماً للتأزيم وإثارة الفتن وهي البيئة التي تلائم مثل هذه العناصر, وكلما قدمت لهم كوباً من العسل استبدلوه بكوب من السم الزعاف ,ومع ذلك فإن الأمل مازال موجوداً في عناصر الخير الموجودة في صفوف هذه القوى وهي دائماً التي تعيد المسار إلى طريق الخير والسعادة بإذن الله.