أثبتت القبائل اليمنية أنها أكثر نضجاً من الأحزاب والتنظيمات السياسية، وأن القبيلة سند قوي للدولة وأكثر التزاماً بالدستور والقانون والثوابت الدينية والوطنية والإنسانية، وأن الولاء للوطن أقوى من الولاء للقبيلة، وأن الالتزام بمبدأ الولاء الوطني قد اقترن بالقبيلة قولاً وممارسة، وأن حب الوطن في القبيلة مقترن بالإيمان بالله سبحانه وتعالى، وأن القبيلة قد استطاعت تجسيد حب الوطن من الإيمان، وأن الولاء الوطني في مفهومه العام ولاء لله ثم للوطن والثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر والوحدة اليمنية المباركة، وأن التخلي عن الوطن والثورة والوحدة تخلٍّ عن العقيدة. لقد أظهرت الأزمة السياسية فشل الأحزاب والتنظيمات السياسية في صهر الولاءات الحزبية في إطار الولاء الوطني؛ لأنها جعلت الحزبية غاية وليست وسيلة، وغرست في أذهان الشباب الأفكار المخلة بالولاء الوطني، وجعلت الولاءات الحزبية الضيقة أقوى من الولاء الوطني، وكانت تظن هذه الأحزاب أنها قادرة بهذا السلوك المشين على فرض هذا التوجه على الشعب كافة، وظنت وظنها سيئ في هذا الاتجاه أن فرض الولاء الحزبي الضيق على العامة سيعزز من قدرتها على ممارسة الخروقات والتمرد على الدستور والقانون وكل الثوابت الدينية والوطنية والإنسانية، وكان تفكير هذه الأحزاب يعبر عن القوى التقليدية المتخلفة بدلاً من أن تكون القوى المستنيرة والقادرة على صهر الولاءات الضيقة في إطار الولاء الوطني. إن الأزمة السياسية التي صنعتها القوى التقليدية في أحزاب اللقاء المشترك قد برهنت أن أحزاب اللقاء المشترك قد سقطت سقوطاً مريعاً في أحضان القوى التقليدية، وأصبحت الرموز التقليدية التي تحارب التحديث والتطوير هي المحرك والمسير لهذه الأحزاب، وأن القوى المستنيرة التي تنشد التحديث والتطوير لم تعد قادرة على استعادة زمام الأمور؛ لأنها في لحظة غرور وكبر وظن بأن هذه القوى ستمكنها من الوصول إلى السلطة وقد سلمت نفسها لتلك القوى الظلامية. إن على القوى المستنيرة التي سلمت نفسها لقوى الظلام والجهل والتخلف أن تعيد حساباتها، خصوصاً وأن الوقت مازال متاحاً بعد أن برهنت القبائل اليمنية أنها السند الفعلي لدولة المؤسسات الدستورية وأنها لم ولن تكون تبعاً لقوى التخلف والجهل والظلام، وأنها استطاعت أن تقول: لا للتخريب والتدمير ومحاولة الانقلاب على الشرعية الدستورية، وكان مؤتمرها الذي عقدته في 16/8/2011م أكبر رد على القوى الظلامية الجاهلة، فهل ستستفيد القوى التي تظن أنها مستنيرة من كل ما حدث؟ نأمل ذلك بإذن الله.