ذات يوم وأنا أحدق في ملامح محافظة شبوة الصحراوية أغلبها ذات المساحة المترامية الأطراف تساءلت: لماذا جعل أجدادنا القدماء في حضرموت من شبوة عاصمة لمملكتهم؟، وظل هذا السؤال يطاردني على مدى عقد كامل من الزمن هو كل ما عشته في هذه المحافظة الفاتنة، وجاءت الإجابة من تلقاء نفسها منبثقة من خلال الإنسان والأرض، فشبوة طيب أهلها صادقة سجاياهم نقية سرائرهم شامخ كرمهم الطائي وحسن معاشرتهم، كما أن لكل مديرية من مديرياتها السبع عشرة عادات وتقاليد حسنة تحس من خلالها أنها فريدة من نوعها في كل شيء جميل ومميز. يكفي من محافظة شبوة فخراً أنها تكاتفت بأبنائها ومشائخها وعقالها ومثقفيها وأدبائها ورجالها النبلاء صفا واحد إلى جانب القوات المسلحة والأمن لمحاربة عناصر تنظيم القاعدة، والتزمت كل قبيلة من تلقاء نفسها بحماية مدنها وقراها وبواديها من غول الإرهاب الخبيث والبشع إدراكاً منها أن ما تعمله يصب في مصلحة الوطن ومصلحتها، ولقنت عناصر التنظيم القاعدي الدرس، حيث كانت تظن هذه العناصر المريضة أن أبناء شبوة سيرتكبون الخطأ الفادح الذي وقعت فيه محافظة أبين في بداية الأمر حين تخلت قبائلها عن دعم رجال الجيش والأمن أو بالأحرى تعاطفت مع الإرهابيين، لكنها شبوة ظلت بهيبتها وحلم أهلها وحكمتهم ونباهتهم عصية على كل من تسول له نفسه المساس بأمنها واستقرارها، وطردت عناصر تنظيم القاعدة كالجرذان. إن محافظة شبوة التاريخية كريمة مع كل من يحفظ كرامتها وهدوئها واستقرارها، لكنها في لحظات الجد تعرف كيف تعالج الأمور العصيبة، فجميلة أنتِ يا شبوة وجميل حلمك وحكمتك وشجاعتك وكرمك.. جميلة جبالك وسهولك وصحاريك وشواطئك ومواويل بدوك الرحل، ورقصاتك المختلفة بين السهلي والجبلي والصحراوي .. جميلة شوارعك وأزقتك وتاريخك التليد من أقصاك إلى أدناك ولذيذ عسلك الجرداني.. عشت فيك فرشفت السعادة من أفيائك، واستحممت بأمطارك واستنشقت ذرات رمالك وعبق أزهارك .. وسكنت كل المدن فلم أهنأ بنوم سوى بين أحضانك، وجردت كل الذكريات فلم أجد ذكرى متوهجة كذكرياتي معك .. في مقهى قصر ذيبان وفي النصب وفي الصعيد وحبان وقصر الشريف حسين وشواطئ بئر علي وشبوة القديمة وعرماء ومرخة وجبل ريدان والحوطة وجول الشيخ وماس والشبيكة وكل مناطقك الجميلة .. فليحفظك الله وأهلك الطيبين الأوفياء يا شبوة.. إنك في القلب أيتها الغالية.