- منذ اندلاع الأزمة في الصومال الشقيق ودخول هذا القطر العربي في بوتقة من الحروب والصراعات الدامية التي أتت على كل شيء في هذه الدولة التي تعاني اليوم من أوضاع صعبة يندى لها الجبين، حرب مستعرة، ومجاعة تهدد بهلاك الحرث والنسل، وقوى سياسية صومالية تعشق الدماء والخراب والدمار وتمضي قدماً في السير بالبلاد نحو ما وراء الهاوية دونما استشعار لفداحة مايجري وللحالة المزرية التي وصل إليها البلد، صراعات وخلافات لا تنتهي وإصرار على العنف والفوضى وإزهاق الأرواح ونزيف الدماء ورفض أي حلول أو مقترحات من شأنها أن تؤدي إلى إنهاء الحرب والتفرغ لإعادة بناء وإعمار ما هدمته وخربته الحرب خلال مراحلها المختلفة، تجاهل عربي ودولي لمعاناة هذا البلد العربي الفقير وللأسف الشديد هناك دول لم تترك الصوماليين في أنفسهم رغم كل هذه الظروف المريرة التي يمرون بها، حيث تجد بعضها تدعم هذه الجهة بالسلاح والأخرى بالمال من أجل الإبقاء على الحرب والاقتتال في إطار مخططات استعمارية تستهدف أمن واستقرار سيادة هذا البلد، الحكومة الصومالية تواجه صعوبة في محاولاتها فرض الأمن والاستقرار وإحلال السلام لأنها تفتقر للدعم اللازم في الوقت الذي يحصل قادة الفصائل والحركات المناوئة لها على الدعم والمساندة وهو ما يجعل من المستحيل أن تنجح الحكومة في تحقيق أهدافها، والله إنها لتدمى القلوب ونحن نشاهد ملايين الدولارات التي تنفقها الحكومات العربية والخليجية منها على وجه التحديد في سباقات الخيول والهجن والصقور وعلى استضافة الحفلات الفنية والمهرجانات السينمائية والمسابقات الرياضية العالمية وفي بناء الأبراج العالية للتباهي ووالله إنه ليحزنني أن أسمع أن هذا الملياردير العربي دفع ملايين الدولارات من اجل الزواج بممثلة أو مطربة وصرف الملايين في حفل الزفاف وآخر دفع الملايين من اجل أن يستضيف بلده بطولة رياضية أو مهرجاناً عالمياً، وآخر دفع الملايين من أجل شراء رقم لوحة سيارات مميز أو رقم هاتفي خلوي مميز، وآخر دفع الملايين من أجل أن تحيي له هذه الفنانة أو تلك سهرة فنية وآخر دفع الملايين من أجل شراء لوحة رسام عالمي أو قطعة من ملابس فنان أو ممثل عالمي في الوقت الذي يموت فيه أطفال ونساء ورجال أبناء الشعب الصومالي الشقيق من الجوع والعطش، أين هؤلاء من قول الرسول عليه الصلاة والسلام “ من لم يهتم بأمر من أمور المسلمين فليس منهم” وقوله صلى الله عليه وآله وسلم “ ليس بمسلم الذي يشبع وجاره طاوٍ إلى جنبه” أين ضمائر هؤلاء وأين إنسانيتهم وهم يشاهدون ذلكم المشهد المؤلم لفتاة صومالية توشك أن تلفظ أنفاسها من شدة الجوع وهناك صقر ضخم ينتظرها حتى تصعد روحها إلى بارئها لينقض عليها، وكأن هذا الصقر أكثر رحمة و شفقة على هذه الطفلة من الحكومات العربية والإسلامية؟ والأثرياء العرب، أي قلوب يمتلك هؤلاء، أيعقل أن تهدر العديد من الدول الملايين من أجل اشعال الحرائق والفتن والأزمات في بعض الدول العربية ولا تفكر في توظيف هذه الأموال لإنقاد أبناء الصومال والحد من الظروف المعيشية الصعبة التي يعانون منها، لماذا لا يتعظ هؤلاء ويقتدون بأوروبا التي هبت بكل امكانياتها لإنقاذ اليونان من الانهيار الاقتصادي بسبب الازمة التي تتعرض لها وغيرها من الدول الأوروبية التي شهدت اقتصادياتها تراجعاً ملحوظاً بسبب تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. - لماذا لا تكون هناك تحركات جادة من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لدعم الأشقاء في الصومال والسيطرة على المجاعة التي تجتاحهم وتفتك بهم؟. - بلادنا ومنذ بداية الأزمة الصومالية كانت لها اسهامات في محاولة تقريب وجهات النظر بين مختلف الفصائل الصومالية المتصارعة وبذل الرئيس علي عبدالله صالح جهوداً مضنية في هذا الجانب وعمل على دعم الحوار في الصومال من أجل إحلال الأمن والاستقرار والسلام رغم الامكانيات المادية المحدودة وعلاوة على ذلك فإن بلادنا اكتوت بنيران ما يحصل في الصومال حيث أدت الحروب إلى نزوح أعداد هائلة من اللاجئين الصوماليين الذين فروا من جحيم الحرب المستعرة هناك والذين قصدوا بلادنا للإقامة فيها حيث ما تزال عمليات النزوح الجماعي مستمرة وهو ما ضاعف من الأعباء الاقتصادية الملقاة على عاتق الحكومة في ظل محدودية الدعم الذي تقدمه بعض المنظمات المهتمة باللاجئين وقد تعاملت بلادنا مع قضية اللاجئين الصوماليين من منظور أخوي وإنساني فعملت على إقامة المخيمات الخاصة بهم وقدمت التسهيلات اللازمة لهم للالتحاق بركب العمل وخلق فرص عمل جديدة تقديراً للظروف التي تمر بها بلادهم وانطلاقاً من روابط الأخوة والدين والجوار دون أية منّة لأنها تدرك أن أمن الصومال واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار اليمن ومنطقة القرن الافريقي والمنطقة العربية عموماً. - هذه المواقف اليمنية الأصيلة جعل منها البعض وسيلة استغلالية لإنفاذ أجندتهم الخاصة ومخططاتهم التآمرية ضد اليمن ووحدته وأمنه واستقراره عبر استخدام اللاجئين الصوماليين في أعمال وأنشطة عدائية تستهدف الإضرار باليمن مستغلين الظروف المادية التي يعاني منها هؤلاء اللاجئون حيث قدموا لهم الاغراءات المالية للقيام بأعمال عدوانية حيث ذكرت بعض المصادر الرسمية أنه تم العثور على جثث لبعض اللاجئين الصوماليين خلال أحداث حروب صعدة وتم إلقاء القبض على بعضهم وهم يقاتلون في صفوف الحوثيين ، وها هو تنظيم القاعدة الإرهابي يستغل ذات الظروف ويقوم بتجنيد أعداد من اللاجئين الصوماليين للقتال في صفوفه من أجل المال، حيث يتم احتضانهم وتدريبهم على السلاح في مراكز التدريب التابعة له وقد أظهرت المواجهات المسلحة بين قوات الجيش وعناصر تنظيم القاعدة في محافظة أبين وجود أعداد كبيرة من اللاجئين الصوماليين الذين تم تجنيدهم لحساب القاعدة حيث تم التعرف على جثث بعضهم وإلقاء القبض على البعض الآخر، وسط حديث عن وجود سماسرة يقومون باستقدام العناصر الصومالية للالتحاق بعد ذلك بصفوف عناصر القاعدة وهو ما يفسر هذا التواجد الكبير للعناصر الصومالية في صفوف هذا التنظيم الإرهابي الذي يتلبس أتباعه بعباءة الدين في حين أن الدين من أعمالهم الإجرامية وفكرهم الشاذ والمتطرف بريء براءة الذئب من دم يوسف، ولم يقتصر استغلال اللاجئين الصوماليين على القاعدة فحسب، فها هي تداعيات الأزمة السياسية الراهنة تكشف عن توظيف قيادات قبلية معارضة للعناصر الصومالية للقتال في صفها والقيام بأعمال النهب والتدمير والتخريب للمنشآت الحكومية والخاصة مقابل المال، وهي تصرفات مؤسفة جداً وغير معقولة ، فكيف يستغل هؤلاء حاجة وظروف هؤلاء اللاجئين ويتم تجنيدهم لتدمير وتخريب الوطن الذي استقبلهم واحتضنهم في الوقت الذي أوصد الجميع الأبواب في وجوههم؟ أين القيم الإنسانية التي يتحلى بها هؤلاء حتى يتم استغلال أوضاعهم والزج بهم في طريق الهلاك بدلاً من دعمهم ومساعدتهم على تجاوز ما هم فيه من أوضاع لا تسر عدواً ولا صديقاً. - هذه التصرفات تتطلب إجراءات قانونية وأمنية حازمة للحد منها والعمل على ضبط تلكم العناصر التي تقوم بالسمسرة والمتاجرة بحياة الأبرياء من اللاجئين وكذا العمل على ترحيل كل من يثبت تجاوزه للأنظمة والقوانين اليمنية والعمل على تفعيل الرقابة على الحدود والمنافذ اليمنية البرية والبحرية للحيلولة دون تدفق المزيد من اللاجئين إلى اليمن واشراك السفارة الصومالية بصنعاء في مهمة متابعة أوضاع اللاجئين والإبلاغ عن العناصر المشتبه بها ليتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها، نريد تطهير الجالية الصومالية المتواجدة في اليمن من هذه العناصر الإرهابية والإجرامية التي تحاول الإساءة إليها بتصرفاتها المشينة فلا يمكن أن يبرر الفقر لأي شخص أن يتحول إلى مجرم يزهق أرواح الأبرياء ويسفك الدماء ويعتدي على المصالح العامة والخاصة ويتورط في تنفيذ المخططات التآمرية ضد الوطن الذي ينتمي إليه أو الذي يقيم فيه. - نحن مع أن تضع الحرب أوزارها في الصومال الشقيق ويتم ضخ الأموال العربية والإسلامية والدولية لإعادة أعمار ما هدمته الحرب والشروع في بناء دولة صومالية حديثة ومتطورة تنعم بالأمن والاستقرار والسلام ونتطلع إلى اليوم الذي يعود فيه اللاجئون الصوماليون إلى بلدهم للمشاركة في مسيرة البناء والتطوير والتحديث التي ينشدها كل أبناء الشعب الصومالي في الداخل والخارج ويتطلعون نحو تحقيقها على أرض الواقع، نتطلع إلى أن يعم الأمن والاستقرار والسلام أرض الصومال ويتفرغ الجميع لاستكشاف الكنوز المدفونة في باطن الأرض التي حباها المولى عز وجل لهذه الدولة الشقيقة والتي يبدو أنها السبب وراء تغذية القوى الدولية الاستعمارية للصراع في الصومال بهدف السيطرة عليها والاستفادة من خيراتها، نأمل أن يعي الفرقاء في الصومال حجم المؤامرة التي تُحاك ضد وطنهم ويعملوا على طي صفحات الحرب بكل مآسيها ومنغصاتها وفتح صفحة جديدة من أجل بناء الصومال الجديد. حفظ الله اليمن واليمنيين وأدام علينا نعمة الوحدة والأمن والاستقرار ولا عاش أعداء اليمن. [email protected]