تحتفل بلادنا هذه الأيام بالذكرى الثامنة والأربعين لثورة الرابع عشر من أكتوبر التي انطلقت شرارتها من جبال ردفان معلنة نهاية حقبة من الاستعمار البريطاني البغيض وتدشين مرحلة جديدة من الحرية والاستقلال الوطني والكفاح من اجل توحيد الوطن اليمني شماله وجنوبه في دولة واحدة, تلك هي الأهداف والمبادىء التي قامت الثورة من اجلها وقدم الثوار دماءهم الزكية في سبيل تحقيقها, لذلك نستطيع القول: إنها ثورة شعب كانت ومازالت مستمرة من اجل وطن وأمة وهي اليوم تواجه اكبر مؤامرة في تاريخها تستهدف تمزيق وحدة الوطن وشرذمته وإنهاكه وفرض الوصاية عليه من قبل من يحلمون بعودة السلطانات والمشيخات وغيرها من المسميات المقيتة. إن ثورة الرابع عشر من أكتوبر تواجه اليوم خطراً حقيقياً أشبه بذلك الخطر الذي دمر الحضارة العربية على أيدي التتار الذين قدموا من منغوليا, حيث كانوا عبارة عن قبائل متخلفة همجية لا تعرف أبجديات الحضارة الإنسانية غير أن جنكيس خان وحّد تلك القبائل المنغولية وعين هولاكو قائداً لها فشكلت جيشاً جراراً توجه نحو الغرب يدمر ويقتل وينهب كل ما وجد أمامه حتى وصل بغداد فقتل الخليفة العباسي بشكل وحشي ودمر بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية وقتل الكثير من أهلها ودمر معالم الحضارة العربية الإسلامية فيها واتلف أروع الكتب العلمية والفكرية والأدبية في بيت الحكمة بعد أن رمى تلك الكتب في نهر دجلة الذي أصبح ماؤه ازرق اللون كما يقول المؤرخون نتيجة حبر تلك الكتب الذي اختلط بالماء فطغى لون الحبر على الماء. ونحن في اليمن إذ نحتفل بثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م , تواجه الثورة تتاراً جدداً هم أشبه بتلك القبائل المغولية, حيث لا مشروع حقيقي لتلك القوى غير مشروع الفوضى والشغب والعنف والتخريب والقتل وقطع الطرقات وضرب مصالح الشعب وتعطيلها على غرار ما حدث في الحصبة من نهب وخراب ودمار للمؤسسات وما يحدث الآن من تعطيل للدراسة في جامعة صنعاء وضرب أبراج الكهرباء الممتدة من مأرب إلى صنعاء وغيرها من أعمال التقطع والتخريب التي لا تشبه في همجيتها إلا سلوك التتار الذين دمروا مجد الحضارة العربية الإسلامية عام1652م. تتار اليوم خليط مكون من قوى قبلية متخلفة كل همها النهب والغزو وكأنها ما زالت في العصر الجاهلي بل اشد جهلاً وغباءً فهي قبائل تتصرف وفق توجيهات الشيخ بغض النظر عما إذا كانت تلك التوجيهات صائبة أم خاطئة, وبعض تلك القوى دينية طائفية متمردة على الدولة اليمنية الحديثة وهي قوى متخلفة أيضا فهي تتصرف وفق توجيهات زعيم الطائفة بغض النظر عن طبيعة تلك التوجيهات ولا همّ لها سوى مصالحها الطائفية الضيقة, وبعض تلك القوى عسكرية منشقة ومتمردة خائنة للوطن وقواته المسلحة متخندقة مع القوى الانتهازية بدافع أناني انتهازي شخصي الجميع يعرف خلفياته وأسبابه ودوافعه, وبعض تلك القوى حزبية مأزومة تلهث وراء الحكم والوصول إلى السلطة بأي ثمن وبأية طريقة متخذة من مبدأ ميكيافيلي (الغاية تبرر الوسيلة) طريقة ومنهجاً لتحقيق أهدافها, وهي قوى حزبية مختلفة ومتناقضة فيما بينها ولا تستطيع عملياً الاتفاق على حكم البلاد فيما لو تم تسليم السلطة إليها, وبعض تلك القوى انفصالية تدعو بين الحين والآخر علانية إلى تشطير البلد وضرب وحدته الوطنية ولا هم لتلك القوى سوى التآمر على الوطن ووحدته وأمنه واستقراره, أما النوع الأخير من تلك القوى فهو البلية بعينها حيث قوى الإرهاب والتطرف والعنف من تنظيم القاعدة الذي تخوض معه قواتنا المسلحة الباسلة قتالاً مصيرياً وحاسماً في محافظة أبين, ومن هنا نستطيع القول: أن تتار اليوم هم اشد خطراً من تتار المغول وعلى الشعب اليمني الحذر منهم والوقوف في وجوههم وسحقهم كي يبقى الوطن سليماً معافى وتبقى مسيرة ثورة سبتمبر وأكتوبر والثاني والعشرين من مايو ظافرة والله اكبر وليخسأ الخاسئون. (*)باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]