لم تعد هناك فرحة لأية ذكرى أو مناسبة وطنية وتمر علينا ورغم مالها من أهمية كبيرة ودلالات عظيمة في حياة شعبنا اليمني الأبي،الذي لم يألُ جهداً في كفاحه ونضاله الوطني من أن يقدم التضحيات الجسيمة ومن أجل أن ينتصر لإرادته في الحرية والانعتاق من ربقة الاستبداد الإمامي الكهنوتي،والهيمنة الاستعمارية وإبان تلك الفترة الماضوية من تاريخه الوطني التحرري في المنطقة رغم الظروف العصيبة والقاسية.. التي كانت تعيشها المنطقة العربية بشكل عام واليمن بشكل خاص آنذاك،ولكن رغم ذلك فقد استطاع شعبنا بكل شرائحه وقواه الوطنية، والسياسية، والاجتماعية والعمالية والطلابية من أن ينهض ويستشعر دوره تجاه وطنه وثورته اليمنية سبتمبر وأكتوبر المجيدتين اللتين كان لهما علامة بارزة وناصعة في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر نتيجة لما كان يعانيه شعبنا في شتى مناحي حياته من ظلم وتسلط كبيرين وكذا عزلة تامة عن العالم الخارجي بسبب تلك السياسات التي فُرضت عليه.. وكبلته بقيودها حتى جعلته لايعرف مايحدث حوله من متغيرات وتطورات جديدة أكان على المستوى الإقليمي أم الدولي،ولذلك فقد شكل قيام هاتين الثورتين “سبتمبر وأكتوبر” منعطفاً جديداً في حياة شعبنا ومسار تحولاته الوطنية والديمقراطية لاحقاً،وهذا ما يتبين من خلال ما أحدثته الثورة اليمنية في تلك الحقبة من أثر كبير على مستوى الواقع الاجتماعي والاقتصادي للجماهير اليمنية،التي آلت على نفسها من أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية والتاريخية في الدفاع عنها والحفاظ على نظامها الوطني الجمهوري وبالرغم مما اعترضت طريقها من رياح وعواصف عاتية إلا إنها تمكنت من تجاوز تلك الإشكالات والتغلب عليها بفعل وجود قواها الوطنية والثورية الحية التي استطاعت الصمود ومواجهة تلك المؤامرات والدسائس الخبيثة التي أحيكت ضدها طوال مراحل قيام الثورة هنا أو هناك لقد اثبت شعبنا أنه أقوى من كل تلك المؤامرات بفعل تماسك جبهته الداخلية والانتصار لإرادته الواحدة التي لاتلين.. أمام تلك القوى الظلامية والتي حاولت مراراً من أن تجهض الثورة ولكنها لم تستطع لكون الثورة كانت ضرورة ملحة ومطلباً وطنياً وجماهيرياً لكل فئات الشعب اليمني ولذلك ناضل واستبسل في الدفاع عن ثورته.. والتشبث بنظامه الجمهوري وهو من تكلل في نهاية المطاف وبقيام الوحدة اليمنية المباركة في ال22 من مايو 90م وهذه الوحدة التي مثلت هي الأخرى حدثاً بارزاً في حياة اليمنيين أرضاً وإنساناً فمثلت الوجه الحقيقي لكل اليمنيين على مستوى المنطقة برمتها. أعود فأقول: إذا كنت قد أسهمت في الحديث حول الثورة اليمنية “سبتمبر وأكتوبر” فهذا من واجبي.. ولكني أشعر بالحزن لما يحدث في واقعنا اليوم من أحداث مؤلمة ومؤسفة أضحت تطغى على كل شيء في هذا البلد الميمون.. ونتيجة لذلك أصبح الواحد منا يعيش في حيرة من أمره ولايتذكر سوى أن هذه المناسبة مرت بصمت دون ضجيج بينما كنا في السابق نتحرك هنا وهناك ونكتب كثيراً عن الثورة وماتحقق في هذا المجال أو ذلك وهذا الصمت سببه مانعانيه حالياً من أوضاع متردية وبالغة الخطورة والتعقيد والتي ربما تقودنا إلى أسوأ من ذلك إذا لم يكن هناك دراية وحكمة في التعامل مع مايشهده الوطن في هذه المرحلة والوقوف أمامها بمسئولية جادة وصادقة من قبل كل الأطياف السياسية بما فيها سلطة ومعارضة والذي يعول عليها الكثير لإخراج البلد مما يعانيه في الوقت الراهن من أوضاع سيئة وملبدة بالغيوم والتي لانعلم إلى أين ستصل أو ستحط رحالها.. لكن رغم ذلك نأمل من الجميع أن يضطلعوا بدورهم.. ويعملوا من أجل المصلحة العليا للوطن والمواطن.. مالم ستكون الكارثة على الكل ولن تستثني أحداً. لذا كيف يمكن للمرء أن يفرح في ظل هذه الأحوال التعيسة والتي تشتم كل يوم فيها رائحة البارود. لا أعتقد أن تكون هناك فرحة لأية مناسبة قادمة بدليل أنه مرت ذكرى سبتمبر وأكتوبر مرور الكرام وكأن شيئاً لم يكن.. لذلك نقول: هل هناك من أفراح في ظل الوضع الراهن..؟