قبل أيام قليلة رحل عن دنيانا الفانية إلى آخرتنا الباقية أمير الخير والوفاء والكرم والجود والعطاء سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية, رحل أمير الوفاء تاركاً وراءه سجلاً حافلاً بالخير والعطاء والمآثر والقيم والمعاني العظيمة, بعد أن امتدت يده البيضاء إلى كل قطر عربي وإسلامي يساعد كل ذي حاجة وذي عوز ومغيثاً كل مستغيث ومنجداً لكل مستنجد بكل تجرد ونكران للذات فكان واحداً من الرجال المنفقين في السر والعلانية متخلقاً بخلق القرآن الكريم وخلق الدين الإسلامي الحنيف وسنة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, إذا انفق لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه, فكان عطر السيرة، سليم النية، حي الضمير، نقي السريرة, لذا نستطيع القول إن أمير الوفاء سلطان رحل عن دنيانا لكنه بقي حياً خالداً في قلوبنا وفي ضمائرنا يجري حبه في دمائنا وذكراه لا تبارح عقولنا بكل ما فيها من مناقب ومآثر وقيم إنسانية نبيلة. نعم، رحل أمير الوفاء والخير والجود والعطاء إلى جنة بإذن الله تجري من تحتها الأنهار مع الشهداء والصديقين والصالحين, فسلطان الذي نرثيه اليوم لم يكن إلا كما عرفناه رجلاً صالحاً خيراً وفياً تقياً مسالماً يحب الخير للجميع وينشد الأمن والسلام للجميع, سلطان الذي أحبه الله فأحبه الناس, فالله إذا أحب عبداً قال يا عبادي إني أحببت فلاناً فأحبوه, وسلطان الذي أحبه الناس لدرجة أنه ملك قلوبهم وعقولهم ليس في مملكة الخير والوفاء المملكة العربية السعودية فحسب وإنما في العالم العربي والإسلامي كله وعلى وجه الخصوص في بلادنا الجمهورية اليمنية التي خرج الملايين من أبنائها في جمعة أسموها (جمعة الأمير سلطان) يترحمون عليه ويدعون المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وهذا أكبر دليل على حب الله لفقيدنا الذي أحبته الملايين وحزنت على رحيله رغم أننا نعلم أن الله إذا أحب عبداً قرّبه إليه، وهكذا هو حال فقيدنا سمو الأمير سلطان ولي العهد الأمين رحمه الله. إن رحيل سمو الأمير سلطان ولي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مثّل خسارة كبيرة للأمة العربية والإسلامية, حيث إن الفقيد كان من الرجال القلائل الذين ساهموا في خدمة الدين الإسلامي الحنيف وخدمة القرآن الكريم وتحفيظه من خلال دعم العلماء والدعاة وتمويل مدارس تحفيظ القرآن في العديد من الدول العربية والإسلامية, وكان من الذين سهروا على أمن وخدمة ضيوف الرحمن (حجاج بيت الله الحرام) وزوار الروضة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأجل التسليم. كما أن للفقيد بصمات لا تنسى في الوقوف إلى جانب الشعب اليمني ووحدته وأمنه واستقراره ضد المؤامرات الخارجية التي تهدف إلى جعل اليمن صومالاً جديداً وأفغانستاناً جديداً, حيث كان الفقيد واحداً من أبرز قيادات المملكة العربية السعودية التي وقفت سداً منيعاً إلى جانب اليمن تحبط تلك المؤامرات والمخططات الشريرة مثل التمرد الحوثي المدعوم من إيران وبعض الخونة داخل اليمن, وكذلك تنظيم القاعدة الإرهابي المسنود من جماعة الإخوان المسلمين والأطراف الخارجية التي لا تريد الخير لليمن والمملكة العربية السعودية. كما لا ننسى عظمة المواقف الأخوية لقادة المملكة العربية السعودية تجاه جيرانهم في اليمن أثناء الأزمة السياسية التي كادت تعصف في البلاد لولا مساندة ودعم الأشقاء في المملكة وخاصة معالجة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وكبار قيادات الدولة بعد الحادث الإرهابي الغادر الذي تعرض له مسجد دار الرئاسة أثناء أداء صلاة الجمعة الأول من شهر رجب الحرام, كل هذه المواقف المشرفة لقادة المملكة ومنهم فقيدنا العزيز سمو الأمير سلطان ولي العهد الأمين تجعلنا لا ننساه أبداً وبعبارة أخرى نستطيع القول إن حب الفقيد سيبقى خالداً في قلوبنا ما بقي الليل والنهار.