تم توقيع الاتفاقية فتنفس الشعب اليمني الصعداء، بشارة بحياة تخلو من الرصاص والخوف والرعب والدمار للنفوس والشوارع والمنازل والمال العام والوطنية. إن ماحدث في اليمن كانت فتنة كبرى أتت على الأخضر واليابس ومابينهما وكشفت أن هناك ادعياء للوطنية غير أنهم سقطوا في أول امتحان في مادة الانتماء الوطني فجاءوا في رأس قائمة التدمير والخراب والمؤامرة على كل ماهو جميل وإيجابي وسجل للتاريخ المعاصر أنه أول مرة كان اليمني يخرج من بيته وهو على شك أو يقين من أن يعود أولا يعود ولأول مرة يخاف اليمني على أطفاله فلا يرسلهم للمدارس كي لا تنالهم رصاص ومدافع (الأر بي جي) و (اللو) و (البازوكا) أو تدهسهم السرعة المخيفة في شوارع الرعب. تم توقيع الاتفاقية، فاستعاد الناس أنفاسهم اللاهثة ونبضات قلوبهم العجلى ووجوههم القلقة... وماذا بعد؟ هل يمكن أن يتقي الله في هذا الشعب كهنة السياسة وتجار الحروب ومرتزقة الخارج ولصوص الداخل؟. لقد آن لهذا الشعب البائس القانع المعتر المرهق الحانق الفقير الذليل أن يصدقه السياسيون، فيدعونه يشعر بالأمان وشيء من السعادة. إن هذا الشعب المسكين لا يطلب من السياسيين ورجال الحكم أن تُبنى له منازل معمورة بالمسابح ومحوطة بالبساتين ولا يريد أن يطعم اللحم والفاكهة على طريقة البورجر أو البيتزاهوت ولا يريد أن يتمتع بركوب سيارات الهامر، وتخدمه عشرات الخادمات من أفريقيا أو كازاخستان.. ولا بعلاج للصلع و (تنعيم) البشرة، ومتابعة الموضة، والتنزه في مزارع في (الجاح) أو ميون في (منيل روضة) القاهرة أو (الزمالك)، يريد هذا الشعب أن يطعم من جوع ويأمن من خوف، تكفيه كسرة خبز تُغمس بكأس شاي أحمر، فقط يريد الأمن والسكينة العامة وسيعفى هذا الشعب مقابل هذا الشعور بالأمن من بناء أكواخ القش وعلاج الفشل الكلوي والسكري والربو المزمن وحل أزمة بسط الأكف للسؤال في المساجد والشوارع ومن باب إلى باب. الشعب متفائل بتوقيع الاتفاقية وكان الرئيس علي عبدالله صالح عند حسن ظن خربته الشكوك والظنون، ولا نعفيه من مسئولية أن يفي بالعهد، فالكرة في ملعبه وملعب المعارضة.. إن هذا الشعب يريد أقراص (أسبرين) بدل قذائف القتل، ومكائن غسل الكلى بدل المؤامرات، الشعب أمانة في أعناق الشرفاء وحسبنا الله ونعم الوكيل.