الأسبوع الماضي أدت حكومة الوفاق الوطني برئاسة الأستاذ محمد سالم باسندوة اليمين الدستورية أمام الأخ عبده ربه منصور هادي، نائب رئيس الجمهورية لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ اليمن الحديث وهي بلا شك مرحلة هامة تتطلب تضافر جهود كل الوطنيين الشرفاء لتجاوز ما خلفته الأزمة السياسية وتداعياتها المؤسفة على مدى الأحد عشر شهراً الماضية. يجب أن تكون حكومة الوفاق الوطني عند مستوى المسؤولية الدينية والوطنية والتاريخية الملقاة على عواتقها في توفير كل الظروف الملائمة لتحقيق التغيير المنشود الذي يتطلع إليه كل أبناء الشعب اليمني وفي طليعتهم الشباب الذين يتطلعون لمستقبل أفضل ويمن جديد خالٍ من الفساد والمفسدين ودولة مدنية حديثة تتحقق فيها العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع اليمنيين.. دولة مدنية حديثة قائمة على المؤسسات الدستورية والنظام والقانون لا تخضع لهيمنة شيوخ القبيلة ومراكز النفوذ. يجب على رئيس وأعضاء حكومة الوفاق الوطني أن يستشعروا جسامة المهام الملقاة على عواتقهم فيثبتوا لأنفسهم ولوطنهم وأبناء شعبهم وللتاريخ والأجيال القادمة أنهم عند مستوى المسؤولية والثقة التي منحوا إياها لقيادة البلاد في هذه المرحلة العصيبة، ولذلك فإنه يتوجب عليهم العمل بروح الفريق الواحد وينطلقون في عملهم من منطلق وطني بحت بعيداً عن المماحكات والمكايدات الحزبية.. عليهم أن يغلبوا انتماءهم لليمن على انتمائهم لأحزابهم وأن يغلبوا المصلحة العليا للوطن والشعب على مصالحهم الحزبية والشخصية الضيقة.. عليهم أن يحرصوا بأن يسجل التاريخ في أنصع صفحاته بأنهم استطاعوا قيادة سفينة الوطن رغم الأمواج الهائجة والعواصف العاتية وإيصالها إلى شاطئ الأمان. لقد تسببت الأزمة وتداعياتها المؤسفة على مدى الأحد عشر شهراً الماضية بإيصال الوطن والشعب إلى مفترق طرق، حيث بلغت القلوب الحناجر وكادت البلاد تنزلق نحو نفق مظلم وهاوية سحيقة لكن إرادة الله العلي القدير شاءت أن ينتصر خيار الأمن والسلام على خيار الحرب والدمار، فتجلت الحكمة اليمانية في أسمى معانيها عندما تم تحكيم العقل والعودة إلى جادة الصواب من قبل أطراف الأزمة فتحقق الوفاق الوطني لإنقاذ الوطن والشعب من فتنة لا تحمد عقباها، فمثّل التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة إنجازاً تاريخياً هاماً فوّت الفرصة على المتآمرين وتجار الحروب من تنفيذ مخططهم الإجرامي لتدمير اليمن والقضاء على وحدته وأمنه واستقراره. يجب على حكومة الوفاق الوطني أن تكون حكومة من أجل اليمن أولاً وأخيراً وليس حكومة الأحزاب التي شكلتها. يجب على رئيس وأعضاء مجلس الوزراء أن يتناسوا انتماءاتهم الحزبية على الأقل خلال مزاولتهم لعملهم الرسمي ويجعلوا انتماؤهم لليمن.. عليهم أن يخلصوا النية وأن يكونوا صادقين مع الله ومع أنفسهم ويجعلوا عملهم خالصاً لله ثم للوطن والشعب، وعليهم أن يعوا جيداً أنهم مسؤولون أمام الله والشعب والتاريخ.