بعد أن نالت حكومة الوفاق الوطني ثقة ممثلي الشعب في مجلس النواب أصبحت ملزمة بتنفيذ ما تضمّنه برنامجها المقدم للبرلمان وعدم التنصل عن المهام الملقاة على عاتقها، وهي بلا شك مهام جسيمة يأتي في مقدمتها العمل على تنفيذ مضامين المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة وقرار مجلس الأمن الدولي رقم «2014» بشأن الأزمة السياسية اليمنية، حيث يتوجب على حكومة الوفاق الوطني العمل بروح الفريق الواحد بعيداً عن المكايدات والمماحكات الحزبية لإخراج اليمن واليمنيين إلى شاطئ الأمان وذلك يتطلب من رئيس وأعضاء الحكومة بذل جهود استثنائية خلال هذه المرحلة العصيبة من تاريخ اليمن الحديث، وتغليب المصلحة العامة على كل المصالح الحزبية والشخصية، وحشد كل الجهود والطاقات لتجاوز ما خلّفته التداعيات المؤسفة للأزمة السياسية التي شهدها الوطن خلال العام المنصرم 2011م والعمل على تحقيق التهدئة واستتباب الأمن والاستقرار، ووقف كل أشكال التصعيد والاستفزازات والتي مازالت متواصلة حتى اليوم والتي تهدف إلى عرقلة الحكومة عن أداء المهام المناطة بها وتقويض التوافق السياسي والمبادرة الخليجية والعملية السياسية لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة. ما من شك أن حكومة الوفاق الوطني أمام تحديات كبيرة وامتحان صعب وعسير؛ ولابد أن تكون عند مستوى المسؤولية والكفاءة والمقدرة في التغلب على التحديات والصعاب والعراقيل الماثلة أمامها حالياً والتي ستواجهها خلال الفترة القادمة، حيث يتوجب عليها في هذه الفترة العمل على تهيئة الظروف والأجواء المناسبة لإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في أجواء هادئة وآمنة؛ لأن نجحها يمثل محطة مهمة في تحقيق الانتقال السلمي للسلطة، ويؤسس لمرحلة سياسية تاريخية مهمة على طريق بناء الدولة المدنية الحديثة المنشودة، ولذلك فلابد من إيقاف أعمال الفوضى التي تشهدها بعض المؤسسات والمكاتب الحكومية تحت مسمى «ثورة المؤسسات» فالوقت غير مناسب لإثارة القضايا المطلبية في هذه الفترة الحساسة؛ إذ يجب أن يلتزم الجميع بالتهدئة وحشد كل الطاقات والجهود للسير قدماً في تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة كمنظومة متكاملة بمسؤولية وطنية ونية صادقة.. أما اللعب على الحبلين فسوف يؤدي إلى إفشال العملية السياسية، وستكون العواقب وخيمة - لا سمح الله - لأن ما يجري في بعض مؤسسات الدولة ليس الهدف منه إنهاء الفساد وتصحيح الاختلالات كما يدّعون وإنما هو عمل تخريبي منظم لتدمير مؤسسات الدولة وانهيارها والذي سيؤدي بالضرورة إلى انهيار حكومة الوفاق الوطني وانهيار العملية السياسية السلمية برمتها.. لذلك لابد من تحكيم العقل والمنطق، والعمل على وقف كل التداعيات والأعمال التصعيدية والاستفزازية، وإعطاء الفرصة الكاملة لحكومة الوفاق الوطني للقيام بالمهام المناطة بها وإثبات قدراتها في تجاوز التحديات والصعوبات الماثلة أمامها. على حكومة الوفاق الوطني التركيز على القضايا الهامة التي تهم الوطن والمواطن وفي مقدمتها استعادة الأمن والاستقرار وبناء ما دمرته الأزمة وتحسين الحياة المعيشية للمواطنين بدلاً من التركيز على القضايا الجانبية مثل تحويل يوم الراحة الأسبوعية من يوم الخميس إلى يوم السبت؛ وكأن هذا القرار هو كل ما كان ينتظره المواطن من حكومة باسندوة والتي علقنا عليها آمالاً عريضة في إخراج البلاد من عنق الزجاجة، لكن للأسف الشديد فإن الممارسات التي بدأت تظهر إلى السطح خيّبت آمالنا كونها لا تبشر بخير مثل التوجيهات التي أصدرها دولة رئيس مجلس الوزراء الأخ محمد سالم باسندوة لمعالي وزير الاتصالات وتقنيات المعلومات بإعادة خدمات شركة «سبأفون» رغم عدم تسديدها الضرائب المستحقة عليها؛ وكذلك تصرفات وممارسات بعض الوزراء الذين يمارسون سياسة الإقصاء وإثارة الفوضى كما هو حال وزير الإعلام الأخ أحمد علي العمراني، وهو ما يؤكد أن أولئك الوزراء لديهم أجندات خاصة يعملون على تنفيذها على حساب المصلحة الوطنية العليا من خلال ممارساتهم وسلوكياتهم العملية والتي تهدف إلى استمرار أعمال الفوضى والتصعيد التي كان من نتائجها على مدى العام الماضي تدمير مقدّرات الوطن ومكتسبات الشعب، وإيصال البلاد إلى حافة الهاوية.