بعد معاناة شديدة عاناها أبناء شعبنا اليمني جراء التداعيات المؤسفة طيلة عشرة أشهر مضت من العام الحالي 2011م تم التوصل إلى توافق سياسي بين أطراف العملية السياسية في الساحة الوطنية للخروج إلى حل وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة التي تم التوقيع عليها من قبل فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وممثلي المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي وأحزاب اللقاء المشترك وحلفائهم في ال23 من نوفمبر الماضي في العاصمة السعودية الرياض برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وحضور سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي وسفير الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا وممثل الأمين العام للأمم المتحدة وأمين عام مجلس التعاون الخليجي. هاهي الخطوات التنفيذية لمضامين المبادرة تترجم على أرض الواقع وفقاً للآلية المزمّنة، حيث تم تحديد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في 21 فبراير القادم وتشكيل حكومة الوفاق الوطني مناصفة بين المؤتمر وحلفائه وأحزاب المشترك وشركائهم، وكذلك تشكيل لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار.. وبدأت الحياة العامة تعود إلى طبيعتها بشكل تدريجي يوماً بعد آخر، ولكي تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي فإنه يتوجب على جميع الأطراف العمل بصدق وإخلاص وبذل كل الجهود لتنفيذ مضامين المبادرة الخليجية وآليتها المزمّنة والتعاون الكامل مع حكومة الوفاق الوطني ولجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار ومع مجلس النواب واللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء لإنجاز المهام المناطة بهم على الوجه الأكمل. لقد مثّل التوافق السياسي بين أطراف العملية السياسية والتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة حدثاً تاريخياً هاماً في حياة اليمنيين ونقطة تحول هامة في مسار العمل السياسي والتحول الديمقراطي في اليمن، ونستطيع القول إن التوافق السياسي والمبادرة الخليجية يعدان بمثابة البوابة التي خرج اليمنيون عبرها من دوامة الأزمة التي كادت تذهب بالوطن والشعب نحو هاوية سحيقة لا يعلم نتائجها إلا الله.. كما أن التوافق السياسي والمبادرة الخليجية يعدان بمثابة الجسر الذي سيعبر من خلاله اليمنيون لتحقيق التغيير المنشود وبناء اليمن الحضاري الجديد وإقامة الدولة المدنية الحديثة التي يتطلع إليها كل أبناء الشعب اليمني وفي طليعتهم الشباب. ما من شك أن اليمن واليمنيين أمام تحول تاريخي ومرحلة انتقالية هامة، وهناك تحديات كبيرة سيواجهها اليمنيون خلال هذه الفترة والمرحلة القادمة، لذلك فإنه يتوجب على كل أبناء الشعب وفي مقدمتهم القيادات السياسية والحزبية والعلماء والمشائخ والوجهاء والشخصيات الاجتماعية والإعلاميون والصحفيون والمثقفون أن يكونوا عند مستوى تلك التحديات.. على الجميع أن يتناسوا خلافاتهم الحزبية والشخصية ويتجاوزوا ما خلفته الأزمة السياسية من آثار سلبية على مختلف الأصعدة، ويجب الترفع عن الصغائر والسمو فوق الجراحات وترك الماضي خلف ظهورهم والنظر صوب الحاضر المنشود والمستقبل الأجمل. على كل القيادات السياسية وأعضاء السلطتين التشريعية والقضائية وحكومة الوفاق الوطني وقيادات السلطات المحلية والقيادات التنفيذية والأمنية في المحافظات والمديريات أن يستشعروا حجم التحديات المفروضة على الوطن ومدى المسؤولية الملقاة على عواتقهم في مواجهة تلك التحديات وتجاوزها من خلال أداء المهام المناطة بهم بكل إخلاص وتفانٍ ونكران للذات، والمصداقية في القول والفعل ووضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل المصالح الشخصية والحزبية. يجب علينا كيمنيين أن ندرك ونعي جيداً أننا أمام تحدٍ حقيقي فإما أن نكون أو لا نكون.. ويجب علينا أن نثبت لأنفسنا وللأجيال القادمة وللعالم أجمع أننا فعلاً شعب عظيم وأن الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية.