الساحة العامة ليست على مستوى القطر الواحد لكن على مستوى الكرة الأرضية مسمومة بثقافة طاردة لما يمُت للإخوان المسلمون بصلة، فما حدث صباح يوم الثلاثاء27/12/2011م أمام المركز الطبي الإيراني نقطة تمركز الحوثيين في ساحة التغيير صنعاء كثوار ألقى باللائمة على التجمع اليمني للإصلاح وأعضائه بكامل المسؤولية وبتحامل غير قابل للنقاش والتفاهم ولا مسؤولية على الطرف الآخر الحوثيين. كما يدعي الحوثيون أنهم أحد مكونات الثورة الساعين لإزالة النظام ولا يوجد ما ينفي هذا الإدعاء غير اتهام الإصلاح لهؤلاء الجماعة أنهم على ارتباط بالعائلة والنظام لزعزعة صف الثورة بافتعال المواجهات المسلحة هنا وهناك ضد مكونات الثورة ومحاولات الاستيلاء على جغرافية جديدة لتوسعة النفوذ وتغذية الشذوذ الثوري في الساحات وتبنيه بعيداً عن حسابات السياسيين الموجهة لمسار الفعل الثوري. نموذج حزب الله بزعامة حسن نصر الله والعلاقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران أسوة لهم تاركين وراء الظهر المذهب الفقهي والفكري المتمثل بالزيدية والذي هو أحد المذهبين الرئيسيين في اليمن عبر قرون ونموذج التعايش بل النبوغ في خدمة الفقه الإسلامي حتى ظهر من المذهب الزيدي أمثال الشوكاني الذي أصبح حجة ورأياً معتبراً في الفقه الإسلامي لا يقل عن ابن تيمية وابن القيم. التلوث الثقافي مصدر رأي الشباب واتخاذ موقف التعاطف مع الحوثيين ضد الإصلاح في المواجهة ولأن التحرر الثقافي والعقلي غائب عن حملة المؤهلات فلا توقف في الانحياز لجهة ضد أخرى حتى تستكمل البنية المعرفية في القضية رهن النظر حتى يكون التبني لموقف بناءً على حيثيات منطقية استدعاها العقل ليصدر حكمه النهائي في الانحياز ليس بناء على التلوث التعبوي اللا شعوري تجاه جماعة الإخوان المسلمين الخلفية الفكرية للتجمع اليمني للإصلاح ويكون هذا الموقف عن قناعة مؤبجدة تجاه أي حدث فكري وقضية مطروحة للرأي العام. وأعتقد لو كان هناك قاعدة عامة يُسار عليها لما تولدت الصراعات التناطحية ولما طالت بنا المراحل في الوصول إلى النضج المجتمعي والحياة المدنية التي لم تستوعب نظرياً حتى تكون الممارسة العملية. صحيح هناك ممارسات عملية على الواقع من أشخاص ينتمون لحزب أو جماعة صادمة للذوق والسوية الإنسانية لكن يجب أن لا تكون قالباً للأحكام القاسية غير القابلة للنقض والالتماس ضد فكر يحمل من النضج ما يجعله مؤهلاً أن يكون نبعاً يروي كل ظمأ. التحرر الثقافي مطلب ضروري للثقافة المؤسسة للمدنية دولة العدل والقانون وتطهير العقل من أساطير البيئة عبر مصانعها المحلية والخارجية ضد تيارات أو تيار تصادمي مع تلك المصانع ومصالحها الشخصية أو الأيدلوجية. أعتقد أن هناك الكثير من كوادر التجمع اليمني للإصلاح لديها من الكفاءة الحوارية القائمة على بنية تحتية من الثقافة والعلم إن سُمح لها المجال أن تتصدر منابر الخطاب بما فيها تغيير الوجيه على منصة التغيير. بالمقابل هناك من الحوثيين من يملك روح الإنسان الواعي الممكن أن يجسر الهوة المتضخمة بفعل الردح والردح المضاد الذي سيعود بالإنسان اليمني إلى عصور بدائية عتيقة. فقد يكون هناك تخشب فكري ثقافي للمقدمات الوسطى يجب أن تستبدل ويُفسح المجال لشخوص جديدة لكلا الفريقين أو فريق منهما يمكن أن يذيب الجليد وتبدأ مرحلة جديدة من التعاون. والانطلاق لمثل هذا يتحمله التجمع اليمني للإصلاح كونه يؤمن بالعمل السياسي ليساعد الحوثيين على تجاوز أزمتهم الفكرية ولن تعدم القناة الموصلة إلى ذلك إن خلصت النية وصدق المقصد لأن المضي في خط التناطح لن يجدي. على التجمع اليمني للإصلاح أن يعلن أن المذهب الزيدي أحد منطلقاته الفكرية والفقهية.. كموقف تطميني للزيدية من مذهبهم لأن الحركة الحوثية كفكر دخيل على البيئة اليمنية يصور للجغرافيا الزيدية أن هناك تهديداً للوجود الزيدي في حين هو المهدد الحقيقي للمذهب الزيدي من داخله واستيراده للأفكار الإيرانية، وهنا يمكن محاصرة انتشار الحوثية حين يكون هناك وضوح تام من الواقع والدفع بالحوثية لأن تفصح عن أفكارها بصدق وتتضح الأمور جليّة على مستوى الوطن ومن يهدد النسيج الاجتماعي وتسميم الجو التوائمي. المصداقية غير موجودة لدى الحوثيين فهم يدركون تماماً مدى النُبذ الذي يواجهونه من فطرة البيئة وعدم قبولها بهم والعقل والحرية التي ينشدها الشعب اليمني وضحى من أجلها بالوقت والمال والدم ،وتأتي فئة وجماعة تريد أن تستولي على الحكم باسم الحق الإلهي على أنهم أهل الله وأحباؤه ومن دونهم ليسوا سوى خدم وعبيد لسادتهم بموجب الحق الإلهي والاصطفاء المزعوم. هذا الإدراك بالمنبوذية لهم في وسط الجسد الاجتماعي اليمني والثورة تمثل بخلق رواية كاذبة مصدرها الحوثيون أن ما تم صبحية الثلاثاء بعد صلاة الفجر وحتى السابعة والنصف صباحاً هو: اعتداء الإصلاحيين على شباب تعز الوافدين ضمن مسيرة الحياة، ليوجهوا سهماً قاتلاً تجاه الإصلاح باعتباره عدوهم الأول لأنه يحمل فكراً يفسخ ما لديهم من سموم. لا أعتقد أن الحوثية إن كانت صادقة مع الله والمذهب الزيدي المفترى عليه وعلى آل البيت هي بحاجة لأن تأتي بالأفكار الخمينية فتهدد اللحمة الوطنية بفتح جهنم الطائفية في بلد عرف بالتسامح بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية. لكن الرضية بتأدية الدور الإيراني في اليمن لأغراض سياسية ومصالح للغير دون اعتبار للمصلحة الوطنية مقابل أجر ومكسب مادي رخيص يشبع الجسد بعد أن مات الضمير، لكن كان يمكن بطريقة سياسية دون بيع الدين والوطن أن يكون الدعم والتعاون والابتزاز السياسي دون أن تتغلغل الروح الإيرانية في الهوية اليمنية إلى حد التلاشي فلا يكون إلا الصوت الإيراني فلا هو الطريق نحو الله ولا الحضاري في الأرض. البيئة الصحية كفيلة بأن ما يصح إلا الصحيح وعدم التلقي «بدون ميازين ومصفئات» لا تقبل إلا ما كان جميلاً ومنسجماً ونظام الكون والحياة الإنسانية المتعارف عليها وتعاضدت الفطرة السوية والدين الحق والعقل والتجربة بالقبول بها، لكننا في لحظة حرجة تستغل بنوايا سقطة. فشباب في وضع استقلالي تيهي دون سن التمييز لا يملك من الثقافة القدر الكافي لأبعاد ما يُلقى عليه ويفرغ في آنية عقله وقلبه وتحت تأثير الكبس الدعائي ينقاد أولئك الشباب ويتوجهون إلى حيث الخطأ. فالموجهات الممكن أن تكون راشدة للشباب بقوالبها المدنية تشوه بشعارات من مثل: لا حزبية ولا أحزاب ثورتنا ثورة شباب، فهل لعقل الشاب إن هو راشد أن يفهم كيف ستكون دولة مدنية بانتفاء الآلية للوصول إليها؟ وهي التنافس عن طريق البرامج الحزبية والأحزاب التي تحفظ عقل الشباب من التيه والأفكار المتعارضة مع العمل السياسي إلى التطرف والإرهاب واللا أخلاق. ليس هذا معناه القوة المادية والمعنوية لجماعة الحوثي وإن كان يملك منهما ما يكون سبباً لهدفه، لكن الإعانة وقوته الحقيقية تكمن في عدمية أو عشوائية المشروع الوطني لدى من يملكونه فيصدق ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة. أصحاب المشروع الوطني ومنها الأحزاب السياسية: الاشتراكي والناصرية أو الإصلاح ذو المرجعية الفكرية والإخوان المسلمون لديهم فرادى ومجتمعين المؤهلات الكافية والقدرات الحقيقية لمواجهة هذا الفكر وخطره على ذوات من يعملون على نشره فضلاً عمن يحاولون فرضه عليهم بقوة الإكراه أو القُبل. فقط أن يتحملون المسؤولية الوطنية بأمانة وقوة ...