إلى الرائعة أبداً من تسكن صباحات تعز روحها أروى عبده عثمان عن دار جدي أحدثكم وحديثي عنه إذا امتزج بالحنين والدموع وشهقات الفجر ديوك بيضاء وملونة لا تستغربوا, فكل حين أعود إلى قريتي , أذهب حثيثاً إلى الدار أسلم على أحجاره , شقوقه , فتحات صغيرة أحدثها الزمن , وحجرة كنت أضع عليها طفولتي وأدلف من عليها إلى (السفل), أتحسس بيديّ التي غزتها (عروق) العمر وجه الباب الخشبي, أحس برودته أمسك ب (المعلجة), هناك كانت عمتي تضع المفتاح الخشبي , وبحركة تعودت عليها تفتح ال(درف) ونكون في الداخل . أظل دقائق أتحسس الجدران أسمع صمتها , حديثها , همسها , كنا ذات يوم هناك نعايش الشخبطات عليها , ونتلمس همس الأيدي التي (مرجت) الجدران بالنورة , هنا آثار جدتي الطيبة التي لم أر بشراً في ضعفها الإنساني, هناك بقرتها , هناك حمار أبي الصبياني , لم يبق غير المكان والصمت , ذات صباحات ملأ ذلك الحمار الدنيا حضوراً , كيف لا وهو حمار الشيخ , قال عمي عبدالحبيب : تشوف النجمة , وكانت تسكن الشرق , كنت أقوم الصبح أسافر إلى أبيك في تعز , تلك النجمة لاتزال شرقاً تسكن, وعمي يسكن شارع جمال بتعز , كنت – قال – أقوم مع بزغة الفجر , ولا يأتي المغرب إلا وأنا في تعز , يومين أعود من جديد (أرقد) في دمنة خدير , والصبح أرحل نحو الكدره , حمار الشيخ باعوه (( للمكرث )) مات بعد يومين!! قال البحار السابق في مارسيليا محمد سلام خويلد لعمي الثاني عبدالقوي : بعتن الحمار للمكرث فمات من الإهانة!!, يومها كان ينظر لبائع الكراث على أنه ناقص , هل تحس الحمير أيضاً بكرامتها ؟؟ سؤال مهم , ذات لحظة كتبت في الثورة عموداً كان اسمه (هذه الأحرف) طالبت فيه أن يُكرّم الحمار, فسّره من فسر بطريقة قسرية فأوقف العمود !!!. حين تدلف قليلاً داخل الدار الذي هجر ولم تعد تسكنه سوى ذكريات حميمة لمن سكنوه ,, هناك كانت غرفة صغيرة للخير , والخير بالنسبة للقرويين أيامها , البقرة, ما أجمل تلك اللحظات كنت أجلس على حافة آخر درجة أتابع يد الخير يد عمتي تحلب بقرتها , وقبل أن تكمل بطيبة أهل الأرض تسكب من الجعنان إلى (القرعص) – غطاء الجعنان – ملؤه حليب من حليب البقرة وتناولني , ومرات جلست إلى تلك الحافة أراقب (الإجل) وقد قدم إلى الدنيا, يافرحة أهل الدار بمقدم وليد البقرة كان ذلك يظل حديث القرية (بيت بجاش معاهم إجل سموه نجيم) وأنا بين (المعالمة) اتبختر مزهواً به , مثلما يتباهون هذه الأيام بالمرسيدس!!!, هناك الكبش الأصفر يرقد هادئاً بالقرب من الثور (ذهب) وأي ذهب كان , يكفي أنه كان يهزم ثور عبدالعزيز الرهيب والذي ذبح إثر نطحة (مرة الفقيه) كان حكم الفقيه كذلك!!!, غرفة لازالت وطناً سكناه ذات مرحلة حميمة , هناك (جلاعب) الحب, ومخزان عمي , ثمة بنادق, وعطور من عدن , وفوارغ الستيم من الكوكا كولا , نظل نتشممها , هو الحرمان يا صاحبتي !! لايزال فقراً تاريخياً يسكن نفوساً كثيرة لا تستطيع أن تتخلى عن الدنيا بسببه!!, وفي الأعلى (صُعد) عمتي, يا الله هناك كنت أبكر أجلس أتأمل يدها الطهور تقلب حبات (العشر) أنال أول قرص وأكون أسعد أهل الدار , هناك آثار جدتي , أعمامي , جردة جدي , وعدة الأثوار في غرفة مهملة, أعود إلى نفسي , أعيدكم معي , سيقول قائل: بجاش مشغول بدار جده وهناك ما هو أهم , ذلك قد يكون صحيحا،ً لكن ولكي لا نتحول إلى مجرد آلات لا بد أن نعود إلى حميمية الإنتماء إلى الدار الوطن , أليس كذلك يا أروى ؟؟؟. [email protected]