الشعب والأرض والمكان.. جميعاً يشكل الوطن.. والنظام هو القيادة وطبيعة الإدارة والناس.. وعلى افتراض أن النظام هو رأس الدولة, فإن الناس أو الشعب جزء من النظام.. وعلى افتراض أن القيادة فاسدة فإن الشعب هو مفسد أيضاً. وإلا لماذا ترك هذا الشعب أو ذاك في أي بلد نظامه المالي والإداري مؤيداً برئيس الدولة يفسد هذه المدة كلها عشر سنين, عشرين ثلاثين أربعين؟!. لم أرَ أية مظاهرة أمام محكمة فسد قضاؤها أو رؤساؤها, وإنما أشاهد أناساً يشترون أحكاماً ضد خصومهم الفقراء أو الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً, ثم يغادر المظلومون وهم يصدرون آهات وأنيناً وأحياناً بكاءً يسمعه القاضي (الغريم الأول) ثم الغريم الثاني(الظالم) ثم شهود الزور الذين ظلوا في درج المحكمة ولم يذهبوا ليشهدوا مع ظالم آخر!!. ولم أسمع أية مظاهرة ولم أشاهدها أمام جهاز رقابة ومحاسبة لسؤال بعض الموظفين: لماذا أقفلت ملفات تورّط أصحابها بسرقة المال العام.. ولم أرَ أية مظاهرة أمام جامعة زوّر أو اشترى بعض أساتذتها درجات الإعادة أو الماجستير أو الدكتوراه؛ بدليل أن واحداً منهم لا يستطيع قراءة صفحة بالعربية الفصحى أو العامية. ولم أرَ أية مظاهرة أو انتفاضة ضد مؤسسة سرقت أموالها, أكانت برية أو جوية أو بحرية, أو أمام أية مؤسسة “ضرائب أو جمارك” استغل فيها فاسدون وظائفهم, وغرقوا في الحرام حتى تجاوز الفساد قاماتهم.. ولم ولم ولم!!. النظام هو الشعب الذي لم يسخن شرفه إلا بعد عقود، ولم يحمِ أنفه إلا بعد سنوات طوال من الجور والقهر والظلم, كنت أريد أن يتظاهر الشعب ضد نفسه, النفس الخائفة, الخانعة، الذليلة, نفس العربي الذي كان عربياً ثم أصبح.. أصبح.. أصبح.. “جلمود صخر حطه السيل من علٍ”, فهوى في قعر مظلم مخيف.