أجهش رئيس حكومة الوفاق في اليمن محمد سالم باسندوة بالبكاء وهو يتلو مذكرة الحكومة إلى مجلس النواب بشأن قانون منح الحصانة للرئيس علي عبدالله صالح ومن عمل معه، مؤكداً أنه يعلم أن هذا القانون سيعرّّضه إلى الشتم؛ لكنه مستعد للتضحية من أجل الوطن. لم تكُ المرة الأولى التي يبكي فيها الأستاذ محمد سالم باسندوة، رئيس حكومة الوفاق تألماً على حال اليمن؛ إذ سبق له أن أجهش بالبكاء في مؤتمر صحفي عقدته أحزاب اللقاء المشترك قبل سنوات لتدشين المرحلة الثانية من مشروع «التشاور على طريق الحوار الوطني» وهو يتحدث عن سوء ما وصلت إليه الأوضاع في اليمن. هذا الرجل يبكي خوفاً من أن نبكي نحن دماً في المستقبل، ودموعه هذه ليست دليل ضعف كما يعتقد بعض الجهلة، فكونه يقبل أن يكون رئيساً للحكومة في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ اليمن؛ فهذا دليل شجاعته وقوته. هو رجل أسيف سريع التأثر، وهذا ليس عيباً كما يعتبره البعض، فقد ذكر لنا التاريخ عدداً من القيادات التاريخية القوية التي أجهشت بالبكاء في بعض المواقف المؤثرة كان منهم صدام حسين ومصطفى عبدالجليل وراشد الغنوشي وغيرهم. مقالي هذا موجّه إلى كل من سخر من الأستاذ باسندوة عندما بكى مؤخراً في مجلس النواب، ومن وصفوه بالضعيف الجبان غير القادر على قيادة المرحلة الصعبة القادمة؛ عليهم أن يتأملوا قليلاً في شخصية صاحب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين الخليفة الراشد العادل والقائد الشجاع الفذ أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فقد كان رجلاً أسيفاً، والرجل الأسيف في اللغة هو: السريع الحزن، الرقيق القلب، البكّاء، قالت السيدة عائشة رضي الله عنها في أبيها أبي بكر: إن أبا بكر رجل أسيف؛ فمتى ما يقم مقامك يغلبه البكاء. الرجل الأسيف رقيق القلب البكّاء الذي كان إذا قرأ لا يسمع الناس قراءته، وإذا كبّر لا يسمع الناس تكبيره بعث برسالة إلى كسرى يقول فيها: «يا كسرى، أسلم تسلم، وإلا والذي بعث محمداً بالحق لأبعثن لك جيشاً أوله عندك وآخره عندي». نعم البكاء ليس دليلاً على الضعف أو الخوف دائماً، لكنه في حالات كثيرة عبارة عن وسيلة للتعبير عن مشاعر مكبوتة داخل الإنسان، وما كانت تلك المشاعر في نفس باسندوة إلا حرصاً وخوفاً على مستقبل اليمن كما قرأتها. هنا لا أمتدح الأستاذ باسندوة ولا أحكم على أدائه الإداري وقيادته، فهذا أمر لا نستطيع الحكم عليه إلا مستقبلاً؛ لكني أتحدث عن التقليل من شأن من يبكي متأثراً بمواقف معينة وجعله ضعيفاً، وجب علينا أن نوضح أن هذه النظرة قاصرة، وأن رئيس حكومة الوفاق الوطني بحاجة إلى أن نقف بجانبه ونساعده من أجل اليمن.