سؤال يساور عقل كل من يقرأ الهجوم الشرس الذي تعرّضت له الناشطة والكاتبة بشرى المقطري، عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني من حزب التجمع اليمني للإصلاح «الإخوان المسلمين» عقب نشرها مقال «سنة أولى ثورة» الذي يصور تفاصيل "مسيرة الحياة" التي انطلقت من تعز إلى العاصمة صنعاء، وما واجهته تلك المسيرة من صعوبات وعقبات وعناء وتعب وعطش وجوع وحر وبرد قارس في ليل خدار. سؤال يتردد في ذهن كل من تابع تلك الحملة الشعواء على الزميلة الكاتبة بشرى؛ مع أنني لا أتفق مع بعض الكلمات والعبارات التي وردت في مقالها «سنة أولى ثورة» إلا أنني في الوقت نفسه مندهش من هول الهجوم الشرس على بشرى من قبل الإخوان المسلمين الذين غالباً ما يقدمون مصالحهم الشخصية والسياسية والدنيوية على الأمور والقضايا الدينية, وهو ما جعلني أتتبع أسباب تلك الحملة الشرسة التي تعرضت لها الكاتبة بشرى المقطري، وقد تبيّن الآتي: من خلال قراءتي مقالها وجدت فيه انتقاداً شديداً ولاذعاً للإخوان المسلمين والسلفيين، وعندها أدركت أن من أسباب الهجوم الشرس على بشرى هو انتقادها الإخوان المسلمين, الأمر الذي أزعج حزب الإصلاح وأثار حفيظتهم، فشنوا هجومهم على بشرى بلا هوادة؛ ليس حرصاً منهم على الدين الاسلامي ودفاعاً عن الله عز وجل كما يزعمون؛ وإنما دفاع عن أنفسهم، موظفين الغيرة على الدين الإسلامي والدفاع عن الذات الإلهية ليصبوا جام غضبهم وسخطهم على بشرى وينتقموا منها أشر انتقام؛ وقد فعلوا ذلك!!. الأمر الثاني هو أن الزميلة بشرى هي إحدى الناشطات اليساريات في ساحات الاعتصام وخاصة في تعز, وكانت تعبّر عن رفضها سيطرة عناصر الإصلاح على الساحات وفرض أجندتهم عليها وعلى منصاتها، معتبرة تلك التصرفات غاية في الاستبداد والدكتاتورية، وكانت تواجه تلك التصرفات بشجاعة وصراحة منقطعة النظير؛ وهو ما كان يغضب الإصلاحيين ويجعلهم يضمرون لها العداء الشديد ويتحينون الفرصة للانتقام منها وتشويه صورتها, وقد وجدوا فرصتهم في مقالها «سنة أولى ثورة» للانتقام منها وحرق صورتها وتشويهها ومعاقبتها باسم الغيرة المزعومة على الدين الإسلامي الحنيف والدفاع عن الله جل في علاه. الأمر الثالث هو أن بشرى طالبت بفتح ملفات فساد الساحات ومحاسبة الفاسدين والمتاجرين بالتبرعات التي كانت تقدم لساحات الاعتصام وهي مبالغ كبيرة تقدر بالمليارات كان الإصلاحيون وحدهم دون غيرهم من يقوم بجمع تلك المبالغ الضخمة والاستئثار بها دون السماح للآخرين في الاطلاع على حقيقة تلك المبالغ الضخمة أو كيفية صرفها وكانوا يهددون كل من يطالبهم بالشفافية بحرمانه من الوجبات التي كانت تقدم للمعتصمين, إلا أن بشرى رفضت تلك التهديدات وطالبت بفتح ملفات فساد الساحات والكشف عن مصير المليارات من التبرعات ومن استأثر بها ومحاسبته, وهذا الأمر أزعج الإصلاحيين كونه مسّ مصالحهم الحقيقية التي نزلوا الساحات من أجلها ومن ثم جاءتهم الفرصة السانحة للانتقام من بشرى فاستغلوها أبشع استغلال. لو كانت بشرى "توكل" بمعنى لو أن توكل كرمان هي من كتبت مقال «سنة أولى ثورة» هل كانت ستلقى كل هذا الهجوم والتكفير من كتّاب وعلماء حزب الإصلاح الذين يغلّبون مصالحهم الدنيوية على كل شيء آخر؟!. لو أن توكل من كتبت «سنة أولى ثورة» في اعتقادي لكان الأمر مختلفاً تماماً، وربما أشاد الكثيرون من كتاب الإصلاح بإبداعاتها وموهبتها الأدبية الراقية, وإلا كيف نفسر صمت كتاب وعلماء الإصلاح حيال تصريحات توكل أن الإسلام دين الهام وليس تشريعاً، وكيف نفهم صمتهم إزاء هجومها على النقاب رغم أنهم كانوا يعتبرونه من المقدسات، وكيف نفسر استقبال عناصر الإصلاح بالهتاف والتصفيق والزغاريد لتوكل عندما عادت من رحلتها الأوروبية بعد أن قضت ثلاثة أشهر مع من يسميهم خطباء الإصلاح "أحفاد القردة والخنازير"؟!. لو أن بشرى هي من حصلت على جائزة نوبل للسلام، يا ترى كيف سيكون رد فعلهم؟!. بالطبع ستتهم بأنها عميلة الصليبية والصهيونية، وأنها تقود مؤامرة خطيرة ضد المرأة المسلمة .....إلخ!. (*) باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]