حين خرج الشباب إلى الساحات في كل عموم الوطن امتلأت الآذان بالشائعات عن العملاء الذين يتقاضون مرتبات من دولة عربية شقيقة، ولما تمادت الأحداث وتطاولت تراشق أطراف السياسة بكل أنواع الشتائم (المهذبة) عبر وسائل الإعلام المختلفة حول العملاء منْ هم؟ كل فريق يدعي أن الآخر هو عميل لتلك الدولة أو تلك، وكأن إلصاق تهمة العمالة بالطرف الآخر هو الحل للخروج من المأزق الذي وصل إليه أو السبيل لجعل الناس يلتفون حوله دون أن يعلم أي طرف منهم أن التهمة التي تلصقها بخصمك اليوم قد تطالك غداً بنفس الوسائل التي استخدمتها أنت؟! فما أسهل الشائعات وترويجها في بلد فيه أكثر من عشرة ملايين مقيل وأكثر من أربعين صحيفة وسبع قنوات فضائية وآذان صاغية لكل راغية وثاغية في (مرتع) السياسة الخصب. وإذا كان منتسبو الأحزاب السياسية في نظر بعضهم البعض عملاء فمن هم الشرفاء في هذا البلد؟ أم أن البلد أصبحت عقيمة من أبنائها الشرفاء؟ إن مثل هذه (الدعاوى) بيننا اليوم ليست إلا من باب صبّ الزيت على النار في بلد يرقص على علبة صفيح حار قد أنضجته الاختلافات السياسية عبر العقود الماضية والتي شبّ أوارها اليوم وخرجت من كل أوكارها لتنفخ في هذا الأتون المشتعل أصلاً. وإذا كانت تهمة العمالة قد سرت بيننا على كل فرد اختلفنا معه في الرأي فعلى الدنيا السلام، ولم يعد يعيش في هذا البلد إلا العملاء؟! فأحزاب اللقاء المشترك عملاء والمؤتمريون عملاء وكذلك الحوثيون، ولا ننسى على الطريق بالمرة الحراك الجنوبي؟! وعفواً منْ تبقى لم ندرجه في اللائحة (العملائية)؟ ماذا عن المغتربين الذين تركوا أرض الوطن وذهبوا يبحثون عن قوتهم وقوت أطفالهم بعد أن ضاق بهم طلبه هنا؟ أليسوا عملاء هم الآخرين؟ وطلاب المدارس الابتدائية والروضة والرضّع على مهودهم فهم لاشك عملاء أليسوا يرضعون حليب العمالة من أثداء أمهاتهم العميلات؟ يبدو أن غير العملاء في هذا الوطن (العميل) هم الحيوانات والأشجار والأحجار و...إلخ؟! منْ يدري؟ ربما صنّفها ذلك الحزب أو تلك الطائفة ضمن لائحة العملاء لأنها ضمن إحراز الفريق العميل الآخر؟ وهذا كاتب عميل وتلك صحيفة عميلة وذلك حزبي عميل، بل وذلك عميل (عميل)؟! أقول يا أيها العملاء عفواً أقصد الشرفاء من أبناء هذا الوطن المطحون انفضوا عن أنفسكم هذه الأوهام التي (دمغتم) أنفسكم والناس بها، فلا ريب أن في كل حزب بلا استثناء شرفاء كما به منتفعون وغير ذلك، لكن التوقيت والظروف والأحداث تتطلب تكاتفنا جميعاً لنخرج بأمان من دائرة الألغام التي تحيط بنا، فبدلاً من تخوين الناس واتهامهم بالعمالة لصالح (س) أو (ص) الأفضل أن نحسن الظن بالموجودين من باب لعل وعسى على أقل تقدير... وإذا كانت العمالة لابد منها كما تريدون فإني أعرض عليكم عمالة وطنية خالصة.. ما رأيكم أن نكون جميعا عملاء لحساب بلد عظيم اسمه اليمن؟! أليس الأقربون أولى بالمعروف، فهم أولى بالعمالة من غيرهم؟! جربوا ولو مرة واحدة أن تكونوا عملاء لهذا البلد، وأنا لا أطلب منكم إلا أن تجربوا فقط وبعدها لنا حديث؟!