قرأتُ بالأمس مقالاً لأحد عتاولة النظام، يتهم فيه أطرافاً أخرى بمحاولة الانقلاب على المبادرة الخليجية وإفشال الانتخابات الرئاسية القادمة.. وقبل الأمس استمعتُ لمداخلة تلفزيونية لأحد عتاولة المشترك يتهم أطرافاً أخرى بمحاولة الالتفاف وعرقلة المبادرة وأيضاً لإفشال الانتخابات.. فمن هم الأطراف الأخرى؟ إذا كان الشريكان يتهمان أطرافاً هلاميّة لم نتعرّف عليها بعد.. فهذا مالا نفهمه.. ولا نعي سوى أننا إن تجاوزنا الطرفين من هذه التهمة سيتضح لنا - حسب التوجه الإعلامي للطرفين - أن الحوثيين وأهل الحراك هما المعنيان بتلك التهمة. وباعتقادي أن الحوثيين والحراك واضحون تماماً بهذه المسألة، وأعلنا مقاطعتهما للانتخابات الرئاسية أمام الجميع، وحيث هما في إطارهما المكانيّ أو بامتداد من يميل إليهما.. ولا ينبغي لطرفيّ الوفاق أن يتهما من لم يدخل في إطار المبادرة بالسعي لإفشالها أو الالتفاف على قضيّةٍ أوضحا أنها لا تعنيهما البتة.. وحتى لو قام الحراك بإفشال الانتخابات بجنوب الوطن أو مدينة عدن تحديداً.. وأفشل الحوثيون ذات الانتخابات في صعدة.. فهل هذه الانتخابات تعوّل على حضورٍ بقدر هذه الهالة التي لا يؤمن بها أصحابها قبل غيرهم !. إذن من وراء تلك المحاولات الرخيصة - حسب توصيف الوفاقيين- ؟! لا أجدُ مسخرةً أبشع من توافقٍ مبنيّ على استغلال العثرات وتلمّس الخطايا كيفما كان حجمها لتوظيفها كما يحلو لطرفٍ ضد طرف. إن مستقبل اليمن السياسيّ في السنتين القادمتين على الأٌقلّ مرهون بمدى جديّة وتضحية ونقاء ظاهر طرفيّ الوفاق قبل سريرتهما التي نفقهها جيداً.. ونعلم أن الشعب بأسره قد وقع بين فكيّ ومخالب عينين توقدتا وعوداً هلاميّة.. وأفئدة وجلة لا تُحسن عطاءً.. ولا تقيم عدلاً يخفف من معاناة هذا الشعب الكادح حتى في وفاقه.. وحين شاءت العناية الإلهية وتجاوزنا مرحلة الأوغاد من جهة واحدة.. شرعنا في أملٍ جديد أن تتحد العقول والقلوب للخروج من كل الأزمات العاصفة بالوطن.. لكننا وللأسف الشديد أُبتلينا بأوغاد متجددين.. ممثلين رئيسيين وكومبارس يؤجج ويلاعب بطريقته.. يتعاركون فيما بينهم فندعو بالصلاح والوفاق بينهم.. ثم ما يلبثوا أن يطرحوا شعباً كاملاً تحت أفاعيل مكرهم واستهتارهم.. وحين يفشلون في تجميل بلواهم يلجأون بقدرة قادر للكومبارس في إخراجٍ رديء.. ومشاهد مزرية لا أجد شهادةً أبلغ على مكرهم فيها أكثر من “صنعاء” العاصمة.. صنعاء القمائم والروائح الكريهة والظلام والخوف والتنكيل بمن يقف في وجوههم، أو يحاول أن يضعهم على طاولة الميزان.. أيّ وفاقٍ ووجه الوطن دون كهرباء؟ وأيّ انتخاباتٍ نتأمّل فيها خيراً ومخلفات العفن تتراكم يوماً بعد يوم في ذاكرة أحلامنا.. وأظنها ستكون العائق الحقيقيّ للوصول لصناديق الاقتراع إلا لمن امتلأ حسّهُ بالبلادة.. وجيبه بعطايا الوجوه المكفهرّة. امنحونا ضوءاً لنقرأ ونسمع أوراد اللجنة العليا للانتخابات، امنحونا الماء لنصرخ في الأزقة بتعاليم كيفية الوصول للصناديق، امنحونا أرصفة خاليةً من العفن، حتى نتمكن من العبور ونشارك في تعميق الوفاق بشكلٍ مقنع وجاد، بدلاً من اتساخ عقولنا بزيفكم وملابسنا بمخلفات مماحكاتكم المكتظّة بها مسافات العاصمة، وحين أقول العاصمة صنعاء فهي تعني وطناً بأكمله ووجهاً للبلد المشنوق في تلافيف غبار أحلامه بمن لا يدرك إلا مقادير الصفقات لوجبة الوجع القادم.