اتجهت أبصار اليمنيين وأحلامهم وأسماعهم لتستمع إلى القسم الذي سينطقه فخامة الأخ عبدربه منصور هادي- رئيساً لليمن الجديد والجمهورية الجديدة ليتأكد لهم أن العهد قد تغير والزمن قد تبدل وله دولته ورجاله. ثمة مسؤولية وطنية تلزمنا أن نقول لفخامته وبصوت مسموع إن العهد الذي بيننا وبينك الوطن اليمني الكبير، أمنه واستقراره، وحدته وكرامة أبنائه، هيبة وسيادة القانون، احترام وحماية حقوق الإنسان وحرياته، قوة الدولة وبناء مؤسساتها وتنظيفها من الفساد والفاسدين والقيادات الهشة والمخربة، العدالة والمساواة، احترام الكفاءات والقدرات والإبداع الإنساني. إن العهد الذي بيننا وبين فخامته تحرير المؤسسات من سطوة القبيلة أو المنطقة أو الأسرة أو الشلة، الحيلولة دون اختزالها في شخص أو جماعة أو قرية، اليمن الجديد كله تفاؤل وأمل في الغد، الأمس أصبح تاريخاً للأجيال تحكيه أو تحاكمه تترحم عليه أو تلعنه، عظماء صنعوا تاريخاً يُعتز به من غرفة صغيرة في سجن تسكنه أشباح الظلم وعتاولة القهر، قصة الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا نحكيها مراراً وتكراراً لأطفالنا عن الرجل الذي صنع تاريخاً من بين الأغلال مثلما نحكي لهم عن زعماء عرب حكموا لعقود من ثم غادروا التاريخ بكوارث ودماء وأشلاء، أزمات لا أول لها ولا آخر، فقر وطوابير جياع، خراب وأطلال تحكي قصة إنسان يحلم رغم معاناة الأحلام . إنها فرصة ذهبية اكتسبت شرعيتها الوطنية والإقليمية والدولية، على فخامة الأخ رئيس الجمهورية العمل من خلالها لتشكيل اليمن الجديد ترميم البيت اليمني من الداخل بعد أن كاد يقع وينهار، التغيير الفعلي والجاد ولادة عسيرة، علينا أن نتحمل ألمها ومتاعبها حتى نضمن ألا يعود الفساد من جديد ليخرب حياتنا ومؤسساتنا وهويتنا الوطنية وقدراتنا الذاتية وإمكانياتنا المتواضعة. أتمنى ألا نبدأ الخطوة الأولى باتجاه اليمن الجديد بالتصفيق واستبدال الصور والبراويز، لأن ذلك كله أخطاء قصمت ظهر المرحلة السالفة، وعلينا التخلص منها وعدم الالتفات لمن يروجها، فتلك ثقافة سيئة يجب ألا تلتصق بمرحلتنا الجديدة هذه، حتى لاتعرقل مسار التغيير الوطني والمؤسسي المنشود . اليمن الجديد مسؤوليتنا جميعاً لاينفرد بقيادته حزب أو جماعة، بل الشراكة عنواننا ومنهج عملنا، لذلك كان لزاماً على كل الفرقاء السياسيين في ساحتنا الوطنية الإيمان بمبادئ الشراكة في الحوار والعمل والبناء والتنمية والإصلاح المؤسسي بدون حسابات سالفة أو فواتير وأحقاد مترسبة لأن الشراكة الإيجابية والبناءة تحتاج إلى رجال ونساء لايقفون عند الماضي ويتسمرون بداخله ، بل يتجاوزون كل العوائق والملفات المرُحّلة بقناعة والتزام . الطريق إلى اليمن الجديد تبدأ بإشاعة روح المسؤولية الجماعية وثقافة النزاهة في الوعي والتفكير والسلوك والعمل الوظيفي سعياً لاقتلاع ثقافة الفوضى والارتجال والعبث واللامبالاة، في الوقت نفسه لايمكن أن تصبح تلك الثقافة مشاعة وملامسة لوعي الفرد والمجتمع مالم تبرهن القيادة السياسية وقيادات المؤسسات والمرافق أنها أصبحت تحمل وتترجم ثقافة النزاهة وتتعاطى معها في حياتها اليومية والوظيفية لتكون قدوة طيبة ونماذج يُحتذى بها ويعوّل عليها في بناء اليمن الجديد. أمنيات كثيرة أصغرها أن نجد وطننا يفاخر بنا ويراهن على قدراتنا وكفاءاتنا في إصلاح الواقع وتغيير وجه المرحلة ، أن نرى زيارات فجائية لرئيس الجمهورية إلى الوزارات والمؤسسات بدون مواكب أو مقدمات ليطلع على حقيقة الوضع والانجازات والتزام واحترام القيادات للأمانة أو تملصهم منها، فالتغيير شاق لكنه نجاح بامتياز. [email protected]