التغيير عملية تحول تشمل الإنسان وما يتصل بحياته اليومية من مكونات اجتماعية ومؤسسات وأفكار وخطاب وخطط وتوجهات تضمن فاعلية ونجاح التغيير كمشروع وطني لا يقبل التجزئة أو الترحيل والتسويف من قبل المجتمع أو السلطة. منهجية العمل وخطوط السير ولغة الخطاب التي ظهرت من خلال تصريحات وسلوك بعض وزراء حكومة الوفاق تبشر برغبة حقيقية وجدية في تحمل المسئولية الوطنية بحقها، إنها تباشير لكتابة تاريخ جديد للعمل المؤسسي في بلادنا. المجتمع اليمني عانى كثيراً من عبث المؤسسات وعدم التزامها بالقوانين واللوائح المنظمة لعلاقاتها بالحياة اليومية للناس، الأمر الذي حولها إلى وكر للفساد ومصدر لثقافة اللامبالاة والتسيب الذي حول مؤسساتنا إلى عبء اجتماعي بامتياز. وزراء حكومة الوفاق وخاصة المالية والإعلام والمياه والكهرباء يبدو أنهم أكثر الوزراء ثقلاً وتركة، رهانهم في هذه المرحلة يجب أن يكون واضحاً وشفافاً، لأن إخراج تلك الوزارات وغيرها من الوزارات من دائرة الإحباط والتآكل الذاتي أصبح ضرورة وطنية ملحة. مؤسساتنا الوطنية لم تكن مغلقة على تيار بعينه، بل كانت مرتعاً لفساد كل الأطراف بدون استثناء، الأمر الذي جعل مؤسساتنا تنهار وتتردى في خدماتها وعلاقاتها بالمجتمع، لا تجد بين قيادتها من يستميت للدفاع عنها بحجة أنه غير قادر على مواجهة لوبي الفساد الذي أصبح غولاً لا يرحم. قيادات الوزارات والمؤسسات للأسف تعاطت مع الفساد، لم تتحمل المسؤولية بحقها، ضعفت أمام تيار الفساد والعبث الجارف، بحجة عدم قدرتهم على مواجهته أو محاربته واجتثاثه، نظراً لاستقوائه بالدعم القبلي والعسكري وقيادات مرموقة ومتنفذة. على المجتمع اليمني بكل فئاته وشرائحه ألا يستسلم لشائعات الفساد بسهولة مثلما كان منه في المرحلة السالفة وتعاطيه مع تلك الشائعات حتى تحول الفساد إلى ثقافة اجتماعية اجتاحت كل مناحي حياته وخربتها. امتناع أو رفض وزير المالية العمل بلائحة الهبر والاستنزاف الخاصة بالتعيينات والحقائب الوزارية أمر يدعو للارتياح، مثلما هو مؤشر صحة ورسالة لعهد جديد لا مكان فيه للهبر أو الاحتواء والمجاملات، إذا كانت تلك المعلومات صحيحة فإن الشارع اليمني لا محالة سيكون طاقة الدفع القوية لصمود واستمرارية هذا التوجه الجديد في تاريخ المؤسسات الوطنية. مواقف وصلابة التوجه المؤسسي النزيه للوزراء من أي طرف كان ستشكل ثقافة النزاهة والتميز الوطني المطلوبة لمجابهة واجتثاث ثقافة الفساد واللامبالاة. وزارة الإعلام هي الأخرى معنية بإزاحة سلطة الأوصياء وحنابلة السياسة، على الوزارة بكل وسائلها أن تتخلى وإلى الأبد عن صناعة وتشكيل البراويز التي حالت دون أداء الإعلام لدوره في محاربة الفساد وتتبع أوكار الفاسدين أياً كانوا. لو أن الإعلام الرسمي انشغل بحماية المجتمع وتطهيره من العبث وكشف عورة التسيب ومنابته ومصادر دعمه والتخلي عن طواحين الشعارات البائتة التي استهلكتنا وحولتنا إلى أدوات للتلميع والترقيع ليس إلاّ. عودة الإعلام الرسمي ليأخذ مكانته ويقوم بدوره ويتحمل مسئوليته الوطنية بحقها أمر يستحق التقدير، المهم أن تعزز السلوك الديمقراطي المؤسسي بدون تغييب أو إقصاء للرأي الآخر أو معاقبة الفرقاء على قناعاتهم، حتى لا نسقط في مستنقع الكراهية، علينا أن نؤمن أن التغيير السلمي الآمن ولّد ثورة لخلق اليمن الجديد خالٍ من التشوه أو الإعاقة. الشاعر الإنسان محمد عبد الباري الفتيح وطن في قلب رجل: ما أقسى أن يقابل رجل بقامة شاعرنا الفتيح بالتجاهل والنسيان، المرض أنهك قواه، لكنه لم يستطع أن يغيب ابتسامته وعشقه اللا محدود لليمن الأرض والإنسان. المؤسف أن رؤوس الأموال والبيوت التجارية في تعز تتعامى عن دورها في التخفيف من معاناة المبدعين من أبناء المدينة الحالمة تعز وعلى رأسهم محمد عبد الباري الفتيح الشاعر الإنسان، فهل من مستجيب؟. [email protected]