يتهيأ الزعماء العرب للسفر إلى بغداد لحضور القمة العربية الدورية التي تنعقد في شهر مارس من كل عام.. وفي كل القمم العربية الماضية كتب الكتّاب وحلّل المحللون بأن انعقاد كل تلك القمم كانت تأتي في ظروف غير مواتية، وأن العالم العربي يعيش حالة من التمزق وعدم الرؤية الواضحة للكيفية التي يجب أن يكون عليها العرب في المراحل القادمة، وكانت كل تلك القمم تنعقد وتخرج بقرارات وتوصيات لم تغيّر من واقع العرب السياسية أو الاقتصادية أو غير ذلك شيئاً، ولم يلمس المواطن العربي أي جديد أفرزته كل تلك القمم السابقة وما أكثرها. فالقضية الفلسطينية المتسببة في انعقاد الكثير من القمم العربية لم تخطُ خطوة واحدة إلى الأمام في ظل التعنت والاستخفاف الإسرائيلي وعدم متابعة القادة العرب لما قرروه وأوصوا به في مؤتمراتهم، والتي لم تكن سوى حبر على ورق بالرغم من قدرتهم على التأثير على مراكز القرار العالمي التي تستطيع أن تضغط على إسرائيل للامتثال لقرارات الشرعية الدولية التي أصدرتها منذ أن حلّت النكبة بالشعب الفلسطيني ومازالت حتى اليوم وهي بالعشرات إلا أنها لم تجد من يحميها وينفذها على الواقع. هذا من ناحية أما تلك القرارات الأخرى التي خرجت بها مؤتمرات القمم مثل ضرورة قيام السوق العربية المشتركة وإعطاء الأولوية للتجارة البينية وقيام مشاريع تكاملية عربية وكثير من القرارات التي صدرت لم نجد لها في الواقع العربي أي مكان.. وهكذا دواليك استمرت القمم تتوالى كل عام وبحسب العادة ولم نلمس منها أية فائدة لواقعنا السياسي والاقتصادي، وأصبحنا نتساءل: ما هي الجدوى من عقد هذه القمم إذا كانت لا تلبي حتى الحد الأدنى من طموحات المواطن العربي أقلها امتصاص العمالة من البلدان التي تعاني منها لتشغيلها في البلدان التي تعاني من ندرة العمالة فيها..؟ وهذه المشكلة يمكن للقادة العرب أن يعملوا على حلها وهي جديرة بأن تحتل اهتمام القادة في مؤتمرهم القادم، والسؤال الذي نطرحه اليوم هو: ماهي القضايا الملحة والمطروحة أمام القادة العرب، وهل مؤتمر القمة القادم قادر على أن يخوض في أعماق المشاكل التي يعاني منها العالم العربي وهي كثيرة وهي مشاكل سياسية واقتصادية وأمنية.؟ وفي اعتقادي أنه إذا تجرد قادتنا العرب من أنانيتهم ونظرتهم الضيقة للأمور فإنهم قادرون على أن يضعوا الحلول الممكنة، أما إذا ظل القادة العرب يرفعون شعار «بلدي أولاً» وهي نغمة بدأنا نسمعها الآن في الكثير من الأقطار العربية فإن البحث في أية قضية مطروحة أمامهم لم تبحث إلا بصورة سطحية، وهذا هو الفشل بعينه، لأن ملامسة القضايا لم تكن بمسئولية وبنوايا صادقة، فالعالم العربي اليوم يعيش حالة من الارتهان وحالة من الفوضى والتمزق لم تكن معهودة من قبل، فإذا لم تناقش مثل هذه القضايا وغيرها كالقضية الاقتصادية بروح وبمسئولية وطنية وقومية تلبي طموحات الشعوب العربية فإن هذه القمة ستضاف رقماً بائساً إلى عدد القمم العربية السابقة والتي لم تغير من الواقع شيئاً. وأنا ومن خلال هذه السطور أتوجه إلى القادة العرب بأن يستفيدوا من الاتحاد الأوروبي ولو بنسبة قليلة، وكلنا قد سمع عن وقوف الدول الغنية في الاتحاد الأوروبي في عملية إنقاذ الدول التي تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية وفي مقدمتها اليونان التي أمدتها تلك الدول بعشرات المليارات من الدولارات.. من هنا أقول إننا نحن كعرب تجمعنا مقومات مشتركة كالدين واللغة والتاريخ والجغرافيا أحوج ما نكون إلى مثل هذا التعاون، وإذا وصلنا إلى مثل هذه الروح من التعاون فإن الجوع في عالمنا العربي سوف يختفي وهذا هو وصمة العار الذي نعاني منه اليوم.