aفي صبيحة أمس الاثنين 12/3/2012م وصلتني رسالة عزاء من الأخ الصديق الدكتور عبدالملك البعداني، يعزيني فيها في الأخ الأستاذ والمربي الفاضل الدكتور حمود القيري.. شعرت حينها وأنا أقرأ رسالة العزاء بمرارة قاتلة في فمي.. تحشرجت الكلمات في صدري، لا أدري بماذا أنطق؟! يا الله كم للموت من جلال ورهبة!! كم له من مرارة وألم وشعور بالغ بالفقد!!. نبكيك أيها الأخ العزيز والمربي الفاضل ونذرف الدمع ونحن نودعك.. لا أكاد أصدق أنني حينما أزور اليمن لن أراك بعد اليوم، شعرت بوحشة مرعبة وأنا أتخيل أن رحيلك أيها العملاق نهائي. عندما أمسكت بقلمي لأكتب هذه الكلمات المرتعشة في رثاء هذا العملاق الذي رحل عنا وعن دنيانا.. رحل رحيل الزاهدين المخبتين.. ارتعش القلم بيدي وكأن به يقول بم ستستعملني؟! أجبته بصوت وجل مخنوق في رثاء أخ وصديق وأستاذ ورفيق درب راح وتركنا، إنه الأستاذ الدكتور حمود القيري.. هذه القامة العلمية الذي ترجل عن فرسه باكراً.. هذا الإنسان الرقيق الهادي الوديع المتواضع المتصالح مع نفسه. لقد أثارت فاجعة رحيلك ومفاجأتها أيها الحبيب غصة في النفس.. وانطفأت لومضة نبلك ونبل إنسانيتك حياتنا.. لاأزال أتذكر تلك الترانيم والكلمات التي كنت تهمس بها في مجالسك العامرة وأنت تقول: إذا اجتمع في المرء النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق.. فقد ترك الدنيا وهي أحس مما وجدها.. وقد كنت كذلك أيها العملاق، وهذا عزاؤنا فيك، وأي عزاء؟. أستاذي الحبيب.. ما كنت أتوقع أن يأتي اليوم الذي أكتب فيه هذه الكلمات، وهي أول مرة في حياتي أرثي فيها شخصاً بحجمك.. أبكيك ويبكيك كل من عرفك وجلس معك واستمع إلى أحاديثك.. سيبكيك أيها العملاق دفاترك وأقلامك وتلامذتك وقاعات محاضرتك.. سيبكيك طلابك وكل من عرفك وقابلك والتقى بك. أخي وأستاذي العزيز.. لقد غادرتنا على عجل، وبمغادرتك سيخسرك الوطن بأكمله الذي ظللت حتى آخر لحظة تحترق من أجله.. سيخسرك طلابك ومحبوك.. سيخسر الجميع ذاتك وعلمك، لقد رحلت عن الدنيا وأنت زاهد فيها وقد تركتها أحسن مما وجدتها. أيها العملاق، وأنت في عالمك الأبدي.. لا أملك إلا أن أقول: لقد مسني الضر بفراقك.. وإنا على فراقك لمحزونون ومنكسرون.. رحمك الله وغفرانه لك.. وإلى أن نلقاك في جنان الخلد إن شاء الله.