علينا جميعاً أن نقف مع أنفسنا بشفافية.. ونعترف أن كلمة (استقالة) لا وجود لها في قاموس تعاملنا اليومي.. رغم أن قاموس لغة (الضاد) احتوى بين دفتيه أعتى الكلمات التي استعصت على اللغات الأخرى..!! فالاستقالة تُرعب أصحاب (الكراسي الدوارة).. من أكبر مسئول في الدولة حتى أصغر مسئول، ولولا هذا التشبث بالمناصب في معظم بلداننا العربية لما ثارت وانتفضت الشعوب واستوطنت الشوارع وخرجت لتهز (عروش) أعتى الديكتاتوريات المستبدة..!! فالموظف البسيط أو مدير العمل أياً كان يعتقد أنه سيخلّد في منصبه مهما كان حجم ووزن ذاك (المنصب) ويتحدث عنه بتفاخر متناسياً (لو دامت لغيرك ما وصلت إليك).. ويكابر أن الزمن (أدوال) حسب تعبير (جارتنا لطيفة)..!! ومع أجواء الربيع العربي, أتمنى أن تتساقط أوراق الخريف من بعض مؤسسات ومرافق الدولة التي منذُ عرفت نفسي ووعيت الوجود والوجوه نفس (الوجوه) ونفس (الأسماء) مع تعديل بسيط حين يصبح (ابن المرحوم)..!! فمن الآن نأمل من صاحب (الكرسي الدوار) أن يجرب القرفصاء على الأرض ولو لمرة واحدة.. خاصة حين يشعر أن الوهن تسلل في أدائه لعمله وأحسّ بالتقصير تجاه المهام الموكلة إليه.. هنا ما عليه سوى أن يحرر ورقة صغيرة ويوقّع عليها بشجاعة تجعله قدوة للآخرين، ويقدم استقالته تاركاً المجال لمن هو أجدر منه بالمهمة ساعتها سنحني له قبعاتنا احتراماً.. لأنه عرف قدر نفسه أولاً.. وأخلص لوطنه ثانياً.. وترك المجال للشاب العاطل ذي الخبرة والتأهيل ثالثاً.. وجنّب المرفق الحكومي الغوص في وحل الفساد رابعاً وهو بيت القصيد..!! وتحضرني في هذا السياق حادثة وقعت قبل عامين، تؤكد مدى البعد عن ثقافة الاستقالة.. وإن وجدت سيرفضها الطرف الآخر ولن يتردد بتمزيقها، فحين قدّمت إحدى مديرات المدارس استقالتها (للمجلس المحلي) بإحدى المديريات.. رغم أن تلك (المديرة) والحق يُقال تساوي ألف شخص من ذوي (الشوارب) لدرجة أن مدرستها توصف بالنموذجية بالمنطقة بشهادة الجميع.. ولكن حين (طفشت) من الطالبات أرادت أن تقدم استقالتها ففوجئت بتمزيق تلك الاستقالة وإعادتها إلى عملها مرغمة.. وهذا يدل بوضوح أن الأفق مسدود أمام أي عمل خلاّق.. وعدم التعامل معه بأساليب حضارية راقية.. ومواجهته برفض قاطع..!! صحيح أننا سنحتاج إلى عشرات السنين حتى نصل إلى ذلك المستوى الراقي في التعامل، ولكن ليس عيباً أن نستفيد من دروس الآخرين وأقصد أصدقاءنا (الشُقر) حين يجد الواحد منهم نفسه غير قادر على القيام بمسئوليته فيقدم استقالته بكل ذوق رفيع.. ويواجه تصرفه بكل احترام وتقدير من مرؤوسيه لأنه أخلص لوطنه ولا يريد أن يغرقه بفساد لا نهاية له..!! إذاً.. أتمنى من كل مسئول قرأ هذه التناولة.. ووجد أن ذلك ينطبق عليه.. فعليه أن يبادر مشكوراً باسم الوطن ويقدّم استقالته فوراً.. ويريح البلاد والعباد من أعباء تبعاته وأخطائه.. وإن لم.. فستأتي نهايته المحتومة.. ولك يوم يا(مسئول) ضيّعت مسئوليتك..!! [email protected]