يا أنبياء الضغائن لن ينسل من رحم الضغائن أنبياء أستحلفكم بالله إن كان لازال يسكن قلوبكم كما تدعون , استحلفكم بالجمال إن كنتم لاتزالون تلمحونه في عيون أطفالكم الحزانى , أستحلفكم بالدم إن كان ما يجري في شرايينكم لازال ينتمي الى هذا السائل اللزج , أستحلفكم بعظمة الروح الإلهية التي نفخها الوهاب فيكم إن كان لازال فيكم منها قبس من نور الديان أن ترحمونا و ترحموا انفسكم ان ترحمونا و ترحموا ابناءكم الحقد لا يتبعه إلا الحقد و الحقد لا يُحسن إلا إفراز السموم كفوا أيديكم عنا و افرزوا أحقادكم بعيداً عنا فلم نعد نطيق حملكم للسلاح و تبنيكم للعنف فلن ينسل من رحم الضغينة أنبياء لا تجعلوا منا شعباً عاجزاً عن تحقيق شيئاً مما يصبو إليه إننا ما لم نخرج من دائرة الصراع الطائفي والمذهبي و الفكر الديني العقيم و من التردي في جب الخلافات الدينية و المكايدات الحزبية , فلا أمل لنا في البقاء إلا كبقاء العلائق الطفيلية على جسد هذا العالم نستجدي المنح و نشحت الصدقات. قد يَحكمُ مجتمعنا على نفسه بالفناء أو بالبقاء في الدرك الأسفل للأمم بالخلافات و الصراعات المذهبية و الطائفية الغبية و بتجديد عُقدٍ يُفترض أنه قد عفى عليها الزمن بعد أن امتدت في جذور الشحناء منذ أكثر من 1200 بدلاً من الاتجاه الى ما هو مطلوب منه و مستأمن عليه من أمور الاستخلاف والتعمير بالعلم و التفكير , و ليس بالتكفير . إن مجتمعاً كهذا الذي تريدونه لا أظنه سوف يفرغ ليجلس لنفسه و يسألها : هل نستحق بالفعل ما نسعى إلى أن يكون وطننا على حاله؟ هل علينا أن نستنفد كل طاقاتنا الخلاقة “إن عاد هنالك منها شيء” قبل أن ننظر الى الوطن بعين الأم الضنين؟ إن ما قدمه المصطفون من هذا الشعب كثير وكثير جدا “فلا أكثر من الروح حين تُبذل في سبيل مسعاها النبيل” يستحق أن نعتز به و أن نُعلي من شأنه بأن نفعل كل ما في وسعنا في طريق العلم والبناء و التحرر و الإعمار الذي كان و سيظل غاية الله من الخلق, حتى يشعروا بالرضى حيث هم . إن المُعتقدَ الديني عاطفةٌ متجذرة في أعماق الإنسان اليمني منذ آلاف السنين و حب الحياة و البقاء فطرته , فهو لم يبن المقابر إلى جانب السدود و لكنه بنى المعابد , فمن يظن أن شعباً كهذا يحتاج إلى من يُزايد عليه باسم الدين او أن يُدرجه في صراعاته المذهبية الضيقة يرتكب خطيئته الكبرى التي لن تغفرها له الأجيال و لن ينساها له التاريخ و لن تعودوا بالزمن إلى الخلف “مع علمنا واعترافكم الدائم بأنكم بالفعل تودون أن تعودوا بنا الى الوراء” , ربما من حق العالم أن يحتفظ بنظرته القاصرة لنا طالما و أنكم ستظلون رسلنا إلى العالم بفكركم العقيم و و احتفالكم ببطولاتكم الدموية و إنجازاتكم الإقصائية. إن المسرحيات الهزلية التي تقومون بها بغرض الاستعراض و المزايدة يجب أن تنتهي متى سنرتقي لنكون أكثر وعياً بمسئولياتنا من أجل ما هو الأسمى و الأرفع و هو البناء و السعي الجاد من أجل إعلاء أسس الدولة المدنية. لنتجاوز العقبات والعراقيل التي يضعها في الطريق المتضررون من زوال الأنظمة الاستبدادية من الطفيليين و المرتزقة فهم لا يعتاشون إلا في وسط يسمح لتلك الطفيليات بالنمو , ربما لا يجهل أحد أن ثقافة الاستبداد هي تلك البيئة الخصبة لنمو أمثالهم و عليهم أن يعوا جيداً أنه آن الأوان ليفكروا بطريقة مختلفة و يلتحقوا بالناس و ليبدأوا بالتفكير في مستقبل أبنائهم و الأجيال القادمة. إن من ينفخ في أوار الفتنة الطائفية و المذهبية سيكون أول من يحترق بها و شواهد التاريخ البعيد و القريب كثيرة و لا اعتبار لمن شذ و لا عزاء لمن لم يفهم بما يتوجب عليه فعله من أجل الوطن. و الخلود لن يُكتب لشخصٍ بعينه إلا بقدر ما يقدم للآخرين و الوطن. خاتمة: فيا أنبياء الضغائن , لن ينسل من رحم الضغائن أنبياء فارحمونا و ارحموا أنفسكم , ارحمونا و ارحموا أبناءكم فالحقد لا يلد إلا الحقد , والحقد لا يحسن إلا إفراز السموم.