أثناء مخاض الثورة الشبابية كان النظام السابق لا يكل ولا يمل عن كيل الاتهامات لمعارضيه من اللقاء المشترك بأنهم وراء أعمال التخريب المتكرر والمنظم لأبراج وخطوط نقل الطاقة الكهربائية وقطع إمدادات المشتقات النفطية، وبعد أن تخلى النظام طوعاً أو كرهاً عن رأسه ونصفه الحكومي انتقلت الكرة إلى ملعب معارض الأمس ورئيس حكومة اليوم محمد سالم باسندوة الذي لم يبخل في تفخيخ خطابه الأخير الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الأولى لجمعة الكرامة الذي يصادف ال18 من مارس، وذلك باتهامات أثارت زوبعة وردود أفعال متشنجة من حكام الأمس وشركاء اليوم تنذر بحدوث شرخ عميق في بنية حكومة الوفاق، حيث اتهم هو الآخر النظام السابق ورموزه بقطع الكهرباء لأسابيع وشهور وافتعال أزمة طاحنة حرمت الناس من الحصول على المشتقات النفطية والتي جعلوا منها كما يقول ذريعة أتاحت لهم فرصة ذهبية لتسويق المشتقات في السوق السوداء وبأشعار خيالية ذهب ريعها إلى جيوب هؤلاء الزمرة من خصومه. وبين الاتهامات والاتهامات المضادة لايزال الشعب المنكوب حيراناً لا يدري من هذا الذي يتجرأ على غرز سكاكينه الحادة في خاصرته من وقت لآخر دون حياء أو وجل أو رادع من ضمير..! وتكمن حيرة الشعب في كون الاتهامات المتبادلة بين أقطاب السياسة تفتقر إلى الدلائل والبراهين التي تؤيد ما يقولونه من تهم وانتقادات حتى ليظن المتابع أنها مجرد فرقعات إعلامية لا تخلو من مكايدات سياسية الغرض منها تشويه الآخر وكسب أكبر قدر من التعاطف الشعبي ولو عن طريق الحرام. وبمعنى أكثر وضوحاً لايزال الخطاب السياسي المسئول الذي يحترم عقلية المواطن في مرحلة المراهقة ويترنح باحثاً عن مستقر ومستودع فلا معارضة الأمس أفلحت في انتقاء ألفاظها، ولا تخلص حكام الأمس من عباراتهم المأزومة المتعثرة، ولكي نكون صرحاء أكثر نقول على أطراف العمل السياسي سلطة كانت أو معارضة أو نص نص أن يثوروا على خطابهم التقليدي هذا، وأن يستشعروا مسئولياتهم من خلال وزن الكلام إذا نطقت قبل نفاذه من الشفتين، ألم تروِ لنا كتب الأدب والتاريخ أن لسان الأحمق قبل قلبه أما لسان الفطن خلف قلبه. على الفرقاء أن يدركوا أنه آن الأوان للتحرر من قيود الخطاب العبثي المضطرب المتناقض الذي استمرأ تزييف الوعي الجمعي، وأن يعوا أن الشغب الذي قلب موازين الحكم القادر على ملاحقة من يطلقون التهم جزافاً على الآخرين دون دلائل ساطعة سطوع الشمس وبالذات فيما يتعلق بالذين يتلاعبون بشئونهم الحياتية وأبرزها العبث المقصود بالطاقة الكهربائية والمشتقات النفطية التي اغتالت اختناقاتها حياة المواطنين واستقرارهم المعيشي. إن حجب الحقائق عن الشعب مصدر السلطات تحت أي مبرر في أي جانب من الجوانب يعتبر جريمة وتستراً يعاقب عليه القانون، ويبدو أن سكوت الدهماء عن حقهم الأدبي والقانوني في معرفة الحقائق المثيرة لتفاصيل قضايا كبيرة من قبيل حادثة اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي ومصير عبدالفتاح إسماعيل مثلاً هي من شجّع المسئولين على التمادي في مخطط استغفال الناس وإخفاء خيوط وشخوص تفجير جامع دار الرئاسة “النهدين” وإسدال الستار وبكل برود عن مجزرة دوفس بأبين التي لقي عشرات الجنود حتفهم ذبحاً بالسكاكين وهم يغطون في نوم عميق.. ياللهول هكذا معارك لن تحدث حتى في زمن إنسان العهد الحجري..!! ألا ترون أن هناك مسائل خطيرة لا يجرؤ الحكام المتعاقبون على البوح بأسرارها؟! إنها أحداث تاريخية لعمري تؤكد أن الشعب اليمني لا يعني لهم شيئاً..! وأخيراً وليس آخراً واعلموا ياولاة أمورنا أننا لن نؤمن لكم حتى نرى الدليل جهرة.. وإلا ارحمونا واصمتوا..!!