كأنه كان على رئيس حكومة الوفاق محمد باسندوة أن يغني أمام عائلات الضحايا، ويقول لهم: “هابي بيرث دي يا شهيد”، أو “سنة حلوة يا شهيد” في ذكرى رحيلهم برصاص معروفة الوجهة والاتجاه. يحاول “المحافظون الجدد” في المؤتمر الشعبي استخدام كلمة باسندوة للتأليب الشعبي ضد الحكومة وإجهاض المبادرة الخليجية، وهم يدركون أن كلمة باسندوة كانت أقل من المأمول في ذكرى المجزرة الجماعية التي ارتكبت بعلم مسبق من قيادات كبرى في الدولة بينهم وزراء وقادة عسكريون، كما أظهرت محاضر تحقيقات النيابة العامة. .هل كانت كلمة باسندوة أكثر تأثيراً من دموع الأمهات والأطفال الذين فقدوا عائلهم؟..كما قلنا سابقاً، هؤلاء لم يشعروا بطعم الخسارات، فعلي عبدالله صالح لم يشعر بفقدان عزيز بجريمة كهذه، وسلطان البركاني شبع من دفاعه عن القتلة فبنى قصوراً من دماء هؤلاء، وخرج بشركات وأموال لا تحصى، والجندي أشبع بالملايين مقابل ثرثرته المقرفة تلك، فهو مثلهم لم يخسر بل كسب من الأزمة ما لم يكسبه أحد، فباع قيمته كإنسان بمال ملطخ بدم شهداء جمعة الكرامة. ما الذي اقترفته لسان باسندوة حتى تثور عليه كل هذه الرؤوس التي لم تشبع من دمنا ووطننا المنهوب في جيوبهم؟ لماذا يستكثرون علينا تذكر دمنا بطريقة تليق بالدم؟ لماذا يريدون حرق البلاد ثانية؛ لأنهم بدأوا يشعرون بخسارة ما كانت بقرة علي عبدالله صالح تهبهم إياه؟. باسندوة كان مقصراً في حق الشهداء ولم يكن قد قال ما يجب أن يقال في تلك الذكرى الدموية المأساوية، كان عليه أن يذكر أسماء القتلة واحداً واحداً، وأن يذكر من اجتمعوا في إحدى قاعات جامعة صنعاء من قيادات عسكرية ومؤتمرية وحتى قضائية وينشر ما دار في ذاك الاجتماع قبل الجمعة بساعات، وأن يقول: ماذا كان يفعل وزير الداخلية وقائد الأمن المركزي أثناء المجزرة؟ وماذا فعل نجل محافظ المحويت؟ ولماذا أقيل النائب العام؟ ولماذا سحبت قوات الأمن المركزي قبل المجزرة بقليل؟ وأين يختفي الرجل الذي صوّر فيلم يحيى الراعي الذي يعد فضيحة لا تمحى؟. كان على باسندوة أن يقول: لماذا حلقت طائرة الهيلوكابتر فوق ساحة التغيير قبل بدء المجزرة؟ ولماذا بدأ التلفزيون الحكومي ببث مقابلات مع أهالي الحي قبل أيام قليلة من ارتكابها، وأن يتحدث لماذا أفرجت النيابة العامة عن عشرات المتهمين بعد تعيين النائب العام الجديد والإبقاء على 7 أشخاص في السجن من جملة 78 متهماً بالجريمة؟. إذن باسندوة لم يقل شيئاً أيها الصقور الجارحة الكريهة. هو فقط قال للناس: إن حكومته تعاني من لعبكم لا أكثر، ويطمئنهم فقط أن العالم يعلم أنكم أنتم القتلة الذين ارتكبوا المجزرة، ويستطيع إثبات ذلك أصغر محامٍ في أية محكمة بالأدلة المتوفرة وليس بتلك التي تحاولون إخفاءها. الدم لا يمكن مغالطته أيها “المحافظون الجدد” في حزب أصبح شركة خاصة لرئيس قديم تحاولون تجديده..الدم يقول إنه مظلوم، فلماذا تستكثرون عليه كلمة من باسندوة بدلاً من أن تقدموا القتلة حتى ولو منحوهم الحصانة؛ لأن دم الكرامة كان أكثر عبثية وأكثر حقداً ومخطط له بدقة متناهية ممن تعرفوهم أنتم؟. أيها الصقور، دعوا دمهم يرتاح، فأنتم أكثر الناس من يستفز أرواحهم الآن حين تستكثرون عليهم كلمة في ذكرى تفجر رؤوسهم وصدورهم برصاصكم، فلتصمتوا احتراماً للدم، ولتدعوا باسندوة في حاله، فهو أنقى من خرف كلماتكم ومن دعاباتكم السمجة.