إننا كشعب يمني يحق لنا كسائر الشعوب العربية وغيرها أن نستفيد من تجارب الشعوب الأوروبية المتقدمة وغيرها في الديمقراطية والتعددية السياسية والاستفادة من تجارب الإدارة المركزية واللامركزية والأنظمة الفدرالية والتجارب البرلمانية والحكم الرشيد، لكن ليس بالتقليد العشوائي أو الأعمى أو التقليد بالنقل المجرد، وإنما باستيعاب منظومة التجارب وأسسها الحقيقية. فتجارب البلاد المتقدمة لم تكن لتتحقق لولا البدء بمسألة حل قضية الثوابت. فعندما اختار البريطانيون مثلاً إلغاء دور ومهام الملكة وتحييدها عن القرار السياسي آلت مهامها المتعلقة بالثوابت إلى اللوبي الصهيوني والمنظمات غير الرسمية ولم تأل إلى رئيس الحكومة التي بقيت مهامها متعلقة بالمتغيرات وإلا صار رئيس الحكومة دكتاتورياً في حالة توليه قضية الثوابت، ومثل ذلك هو ما حصل في ألمانيا أو في الولاياتالمتحدة وغيرهما من الدول المتقدمة. ولولا ضمان التعامل المباشر مع قضية الثوابت ،لما نجحت تجارب اللامركزية أو الفدرالية، بل أن تطبيق الفدرالية وأنظمة الحكم المحلي في الدول الأوروبية في إطار الثوابت لم تمنع من قيام الاتحاد الأوروبي التقدمي وقبل ذلك السوق الأوروبية المشتركة.. ومن ذلك يظهر كيف أن ضمان الحرص على الثوابت كمسار موازٍ لمسار المتغيرات التي تتصدر لها الأنظمة السياسية، تمكن تلك الشعوب من احترام التعددية الحزبية والتعدد والتنوع العرقي والقومي والاجتماعي والجغرافي، وفي الوقت نفسه تحقيق الوحدة الوطنية في كل قطر على حدة ووحدة القارة الأوروبية كلها سياسياً واقتصادياً،وكذلك هو ما حصل في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبدون حل قضية الثوابت ستنتقل وظيفة ومهام الرئيس في حال تجريده منها إلى رئيس الحكومة وستكون النتيجة أسوأ من السابق والمثال على ذلك تجربة العراق بعد صدام حسين.. وتطبيق اللامركزية والنظام الفدرالي دون ضمان الثوابت الوطنية والقومية والإسلامية والإنسانية ستثور التناقضات و وستفسد التعددية وإدارة الدولة المركزية واللا مركزية وستثور الفتن وتتشطر البلاد. نأمل أن نكون قد أوضحنا أهمية قضية الثوابت قبل فوات الأوان.