أثناء حصار صحيفة الجمهورية من البلاطجة لإسكاتها كصوت انحاز للشعب، قام «مقصوفي» العمر بإحضار الأستاذ محمد عبدالرحمن المجاهد إلى الصحيفة كبديل لسمير اليوسفي، وحضر المجاهد فعلاً والصحيفة محاصرة تحت رماح البلاطجة ودخل إلى المكتب تحت تصفيقهم وذهول محبي الرجل.. أنا شخصياً لم أصدق وعندما تأكدت قلت إنها كبوة الفارس وكنت جازماً أن المجاهد سيغضب على من ورطوه في هذا الموقف وفي هكذا ظروف، وسيعتبر القضيه قضية كرامة وحرق تاريخ، وراهنت على أن الاستاذ المجاهد سيغلق التلفون في وجه عبده الجندي ولن يزيدوا عليه مرة أخرى، هذا لأنني من المعجبين بمواقف المجاهد وكتبت مقالين إشادة وإعجاباً قبل سنوات عندما كان يسفه العبودية والتبعية.. فما الذي حصل في دنيا العجائب. كنت أتمنى أن أرى هذه المواقف تزداد صلابة ونضجاً لرجل مثل المجاهد ...لم أر شيئاً، لكنني لم أكن أتصور أن يخرج إلينا بهذه الصورة المؤسفة وفي هذه السن.. أمس صدم المجاهد مدينته تعز الثورة والشهداء بمقال له في الجمهورية، ظهر فيه كداعية للتوريث الذي قدم اليمنيون من أجل إزاحته والتخلص منه قوافل من الشهداء، والأمر لا يخفى على المجاهد الصحفي والمثقف.. لا غرابة في أن يتحدث شيخ قبلي مقرب من أحمد علي عن ترشيحه وتبرير التوريث، أما أن يأتي هذا الكلام من الأستاذ المجاهد فهذه هي سوء الخاتمة.. ومقارنته حالة غاندي وترشيح بوش الأبن في أمريكا بعد أبيه بحالة أحمد علي مقارنة فاسدة وتجعل المعجبين بالمجاهد مثلي أكثر خجلاً.. فبوش الأب لم يمكث ثلاثين سنة مكعفاً الشعب الأمريكي حكم الفرد ولم يمدد أو يصفر العداد ولم تقم عليه ثورة لأنه يحكم البلاد من خلال ابنه أحمد عفواً ابنه بوش الابن، ثم إن بوش الابن الذي فاز بعد كلينتون لم يكن قائداً لحرس أبيه الرئيس ولم يقد المذابح في الشوارع ولم تهدم قواته المدن والبيوت على ساكنيها ولم يحصل على حصانة لكي يتوقف مزيد من القتل والدمار مقابل أن يروح له وأسرته ويدع الشعب يداوي جراحه ويبني دولته بعيداً عن الثارات والأحقاد والفتن. هذه مقارنة قديمة يستحي اليوم أن يقولها أكثر المتحمسين لصالح وأسرته، مراعاة لدماء الشهداء واستقرار البلاد وحتى أبناء سنحان يتحدثون اليوم بحس وطني عن ضرورة أن يرحل أحمد علي وكل القادة العسكريين ويكفيهم الحصانة بل هناك من يدعو لمنع ترشح أبناء الأسر المستفيدة من الحكم السابق حتى أولئك الذين لم يتورطوا في الدماء ومنهم من هو في صف الثورة من أجل إفساح المجال لبناء الدولة على أسس متينة راسخة وإنهاء الصراعات، ولا مانع بعد 100 سنه أن نتحدث عن نموذج الهند وبوش الابن بعد ان تتجذر الدولة المدنية والمؤسسات.. أما الكلام اليوم عن حق احمد علي للترشح كمواطن فهو كلام مكرر كان يردده علي عبدالله صالح قبل الثورة تمهيداً للتوريث وهو اليوم لا يقوله ولايقوله حتى احمد علي، لأن مثل هذا الكلام ليس إلا إعلان حرب، فهذه الدماء التي سفكت لم تغير شيئاً عندك يا أستاذ فلماذ تتبرع أنت ياسيادة المثقف والوطني وتعلن الحرب والفتنه وتنكئ جراح اليمنيين وفي يوم تُحيي فيها مدينتك تعز ذكرى أول مذبحة في تعز أرتكبها الحرس الجمهوري الذي يقوده من تدعو إلى ترشيحه أنت رئيساً في يوم حزن المدينة هل هي مصادفة ؟؟. كان مكانك الطبيعي يا أستاذ بين شعبك، تلقي كلمة في ذكرى ذبح المدينة لا أن تدوس على جراحهم .....مالك يا أستاذ، صحيح أن الحرص يذل اعناق الرجال، ومتى، في الوقت الضائع ومن يريد إعادتك كرئيس لصحيفة الجمهورية لإسكاتها، لا يريد إلا الانتقام منك ومن تعز من خلالك ونسف تاريخك، وعمرك، وتاريخك لا يسمح بهذا ولابلعب دور السكرتير الصحفي للوهم الراحل. أستاذ صلّ على النبي كثيراً... وراجع حسابك وكل شيء زائل غير موقف كريم مع شعبك ومع الحقيقة، وانصحك بإغلاق التلفون ولا تدع اتصالات السوء تزيد عليك ...مابكش سخى، تمنياتي لك بالتوفيق والسداد.