نشرت صحيفة (الجمهورية) عدد رقم (15456) بتاريخ 2/ 4/ 2012م، مقابلة مع الأخ أحمد صالح غالب الفقيه والذي أصبغ عليه المحاور لقب (المفكر) وهذا اللقب الذي لم أقرأ عن منحه لأي مثقف في منطقتنا بسبب شحة وتشوه تدفق المعرفة إلى ذهنية نخبنا الثقافية والتي تحتل مرتبة قاعية حتى الآن، فالسياسي هو الطاغي على الثقافي وفي كثير من الأوقات يجهض الثقافي المفكر لمصلحة السياسي، فالعقل عندنا غير منتج بل هو متلقٍ سلبي تصنعه دوائر التأثير الإعلامي الخارجي، فمثلاً نحن نستخدم كلمة (الربيع) العربي أو (العدالة الانتقالية) وهي منتوج أمريكي بامتياز فكيف سيطلق على كاتب هذه السطور لقب (مفكر) وهو بالكاد ينتمي إلى شريحة المثقفين!!. وفي سياق المقالة استوقفتني بعض القضايا ولن أتعامل معها الآن ولكنني سأناقش مايلي: أولاً: الرأسمالية المحلية أطلق عليها (الفقيه) اسم الرأسمالية الوطنية وهي المرادف للرأسمالية التجارية وقد استهدفها (الفقيه) بصورة مؤذية وليس فيها إنصاف وكال لها تهماً جسيمة, إذا تمكن من تقديم الأدلة الدامغة سوف يكون من الضرورة بمكان تقديمها إلى القضاء ليقول الرأي الفصل في جرائمها أو يبرئها ويتحمل الفقيه تبعات ذلك. التهم تشير إلى الرأسمالية التجارية التعزية وهي التي تملك مصانع المواد الغذائية في تعز والحديدة وهي التي تملك صوامع الحبوب وعدن مول في مدينة عدن وبهذا الصدد يقول الفقيه مهاجماً الرأسمالية التجارية التعزية: “لكن ماذا فعل رأسماليونا بثرواتهم؟ ماذا أعطوا الشعوب؟ سمن وصابون وعصائر فاسدة؟”.. وأضاف إنكار استثمارهم في الزراعة والأسماك وبناء الوحدات السكنية..الخ والملفت للانتباه والإدهاش أن (الفقيه) اثبت أنه قارئ غير نزيه لتاريخ وسياق تطور الرأسمالية التجارية التعزية التي تدرجت من الدكاكينية البسيطة مروراً بالتجارة الوسيطة والمنتزعة من أنياب الإمام الحاكم والتاجر إلى الصناعات المتنوعة وهي الآن، لولا التحديات والمعوقات الكثيرة، ولجت ميدان الصناعات الاستراتيجية كالأسمنت واستخراج الزنك، وهي تقدم للأيدي العاملة فرصاً بمئات الآلاف خاصة في ميدان العمران وهذا لا ينكره إلا شخص خارج التغطية والجاهزية.. ومن الأهمية بمكان التأكيد بأن هناك عيوباً وقصوراً تعود إلى كثير عوامل وأسباب ولكن إذا كانت هذه المنتجات فاسدة فإن عدد السكان الذي يتضاعف بشكل مخيف سيكون على موعد مع الانقراض وستتخفف البلاد من الفقراء والعاطلين عن العمل وستنخفض الموازنة العامة وسوف يخف الضغط على المستشفيات والمراكز الصحية وعلى العيادات.. الخ إنه ثوب مقرف يرتديه جسد واهم يصفي حسابه بسبب دعوة!. ثانيا: أحمد الفقيه يستمتع أو هو يريد أن يتلذذ وهو يفرض علينا الخيار الحاد والزوايا المطلقة حيث ينقلنا وبشفافية (المفكر) من فم (طاهش) إلى فم (ناهش) أي من فك مفترس إلى فك أكثر افتراساً، حتى نكون طعماً للوحش الأكثر افتراساً وهو ينتعل (صندل) من جلد النمر ويقفز طرباً بقفازه الأبيض، وينتزه في متنزهات طهران ومحفظته ممتلئة دولارات.. هذا هو المهندس الذي حضر مؤتمراً لشيوخ القبائل وبصّمهم على بيان لا يعرفون مضمونه، ولا أدري كيف يستطيع هذا المفكر تبصيمنا لنقبل بالقوة الإيرانية لتكون معادلاً موضوعياً للقوة السعودية وهذا خيار مفضل عنده لأن التوازن قد اختل لمصلحة السعودية. ويقول المفكر: (لا بد أن يتوازى الدور السعودي الإيراني في اليمن، نحن ليست لدينا خصومة مع إيران، الإيرانيون لم يحتلوا أراضينا، لم يخلقوا فتناً في بلادنا، لم يتسببوا في خلق فتنة عامة أو مذهبية في بلادنا) ويضيف من أحلامه قائلاً: (اليمن خطر على نفسه أولاً، لكن وجود الإيرانيين يمكن أن يكون مفيداً جداً، لو فتح باب الاستثمار في اليمن لتحولت اليمن إلى بلد عظيم وجنة..الخ). وهذا تقرير محسوب على النخبة الثقافية مضمونه اللجوء إلى إيران الناشئة لتحل محل النفوذ السعودي وتتحول منطقتنا المنكوبة بالفساد والاستبداد والتخلف القاهر، إلى ساحة حرب مفتوحة, نحن البشر الأكثر فقراً وعوزاً وقودها بأرخص الأثمان نيابة عن الإيرانيين والسعوديين والأمريكيين, لقد استخدمت جحافل القبائل من هذه المنطقة كجنود للإمبراطورية الصحراوية الحجازية وكذلك كجنود للجيش الفارسي لإخضاع شعوب كانت أكثر تحضراً وللتطهير العرقي للملونين (الأحباش) والآن يريد لنا الاستمرار في هذه الوظيفة. والآن يريدون بأموال قذرة وعبر العقول الرخيصة تخفيف الضغط على الفاشية السورية وحلفائها، لتعميق حدة التوتر الاجتماعي والثقافي السياسي في البلاد وهم يدركون أن اليمن لا تنقصها المعضلات وأهم معضلاتها نخبها المنحنية تحت نعال التدخل الخارجي.