ينتابك الذهول والحزن والإعجاب في آنٍ واحد وأنت تقرأ أن الرئيس المجري قدم استقالته بمجرد أن خمسمئة مواطن تظاهروا أمام القصر مطالبين باستقالته، لأنهم اكتشفوا أن رئيسهم أثناء تقديم رسالة الدكتوراه الخاصة قبل عشرين سنه قد نقل نصوصا لآخرين، دون أن يشير لأسماء أصحاب النصوص، معتبرين ذلك سرقة ولصوصية ولا يجب ان يكون رئيسهم لصاً؟. من ناحيته الرئيس لم يتجه لاتهامهم بالعمالة والحسد أو رشهم بالماء وبدلاً عن ذلك ذهب ليقدم استقالته مبرراً استقالته هذه في عدم رغبته أن يكون سبباً لاختلاف المجتمع المجري. عندي رغبة أن اكتفي بهذه السطور وأدعكم تكملون المقارنة والتعليق من الواقع، ولن أقول لكم مثلاً كيف ان المؤسسة الاقتصادية برئاسة حافظ معياد قد انفقت 25 مليون دولار قيمة دجاج للمعتصمين في التحرير لمواجهة الملايين التي تطالب الرئيس السابق بالرحيل بعد 33 سنة تم فيها نهب كل شيء بما فيها عمر هذا الجيل المنحوس به، ناهيك عن الدماء التي سفكت بغزارة ووحشية. الرئيس المجري ذهب إلى بيته حتى يحافظ على الوحدة الوطنية وكله خجلاً من حكاية سرقته النصوص، بينما الرئيس عندنا تحول إلى «زعيم» يعني أكبر من الرئيس محتفظاً بجيش كامل مازال يفعل كل شيء، ويدعم كل ما يفتت الوحدة الوطنية ويغذي القاعدة والانفصال ويغلق المطار الدولي ويرفض أقاربه التنازل عن مناصبهم ومازال نجله يخوض معركته الخاصة على أرحب، وكأنه لا رئيس انتخبه الشعب، وكل ما فعله هو تصريحه «الفلتة» بأنه سيبقى سنداً للرئيس عبد ربه كما كان سنداً لوالده، بينما المطلوب منه تقديم استقالته لأنه استخدم البرشمة في دراسته ولم ينجح الا بالعافية، وهذا يكفي على نهج المجر والشعوب والزعماء الذين يحترمون شعوبهم وأنفسهم . نسيت أن أقول لكم أن «عبده الجندي» المتحدث باسم «الزعيم» يطالب علناً بالانقلاب على الرئيس المنتخب وتشكيل مجلس رئاسة للعودة للوضع السابق ضارباً عرض الحائط إرادة الشعب، ويصر كما يصر حافظ معياد الذي مازال حتى بعد إقالته يلطش النصوص الأدبية لبعض المواطنين، اعني المليارات ويقول عن الرئيس عبدربه «نحن طلعناه وهو صدق نفسه».. ولا أدري أين ذهب الشعب الذي انتخب هادي؟. معذرة كنت وعدتكم بالاكتفاء بالسطورالأولى واترك لخيالكم تكملون القصة لكنني كما ترون تركتكم وذهبت لأثرثر ظناً مني أنكم لن تكملوا المقال مثلي، وهذه إشكالية ثقافية تتعلق بالثقة بالشعب وقدرة الناس على القيام بما يقوم به الكاتب أو الرئيس أوالزعيم أو مدير المدرسة وعلينا ان نخوض ثورتنا الثقافية لكي نتخلص من هذا المرض. ولا يسعني هنا إلا أن استسمحكم عذراً وادعوكم مجدداً للمقارنة والتعليق على هذه الفوارق السياسية والثقافية المذهلة بيننا والغير، واثقاً بأنكم الأقدر والأغنى وسأكون ممتناً وشاكراً لمن يجيب عن سؤال: لماذا هم ... ولماذا نحن ؟!. [email protected]