في الطريق إلى الحوار ثمة أساسيات هي الأجدر بالتحلّي بها قبل أيّة مضاعفات ندرك حجم كارثيتها مسبقاً ومع ذلك نتجاهلها بتعمّدٍ مفضوح بحجم السخافات المتراكمة أو المولودة بين عشيّةٍ وضحاها . أولى هذه الأساسيات برأيي تكمن في التهيئة الإعلامية لحدثٍ هام ومطلب جماعيّ كالحوار .. وإن لم يقم الإعلام بدوره الأساسيّ في خلق أجواء أكثر قابليّة للحوار وأكثر تجاوزاً للأحقاد والعداوات ونبذ تطرّف كل الأطراف المتخاصمة فلن نصل إلى أيّ نتيجة مرجوّة .. بل إلى المزيد من الفُرقة والشتات وتعميق فجوات العداء . ولعلني لا أتجاوز الحقيقة إن قلتُ إن قناتيّ سهيل واليمن اليوم وهما حالياً تمثلان طرفيّ النزاع، باعتبار أن قناة اليمن الفضائية لم تقم بدورها الأساسيّ منذ سنين وحتى هذه اللحظة .. وما أراه بقناتيّ سهيل واليمن اليوم حالياً لا يدعو إلا للمزيد من الفوضى وإذكاء نيران الفتنة وإعادة الوطن إلى المربع الأول من عُمر الخراب والأوجاع وتكدير معيشة المواطنين بما تبثانه من بعض برامج حوارية وفلاشات وأغانٍ ونشرات أخبار في أغلبها لا ترنو إلى حوارٍ آمن نعبر من خلاله لمستقبل الإخاء والتسامح وترميم النفوس المتهالكة والتي إن عوفيت سيتعافى الوطن وينجو مما تبقى من خرائب. إنّ الخطاب المتشنج والمتأزم لا يعني سوى أن الأطراف المتخاصمة تريد أن تذرّ المزيد من الرماد في عيون أمل المواطن البسيط وتتحايل مجدداً على الأطراف الخارجية والداعمة للحوار لنهب المزيد من الدعم كل بطريقته. ثم يأتي ثانياً: إنجاح دور لجنة الشؤون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار في إزالة المظاهر المسلحة المتعجرفة والتي مازالت فوضاها تنتشر في العاصمة وفي كثير مدن رئيسية من بلادنا الحبيبة . بعد ذلك يأتي : تفويض الجيش الرسمي بالقضاء على فلول القاعدة وما يسمى بأنصار الشريعة وإخماد نيران انتهاكهم لشرع الله واستباحة أرواح المواطنين من المدنيين والعسكريين . بعد ذلك تبدأ الأطراف في حوارٍ عقلانيّ يجتثّ عفونة الخلافات ويخلع مسامير النزاعات ويعيد الحقوق لأهلها في تجرّدٍ تام لا صوت يعلو فيه على صوت الوطن ونداءاته المستغيثة لمن تبقّى من الشرفاء . [email protected]