كنت قد أشرت في مواضيع عديدة أن وسائل الإعلام الرسمية ينبغي أن يكون همها خدمة الوفاق الوطني وعدم الخروج عليه والالتزام برؤية الوفاق وعدم تجاوزها وكانت هذه الإشارة نابعة من إدراك واعٍ لأهمية الرسالة الإعلامية كونها وسيلة تنويرية تبصير المجتمع بمستجدات الأداء الحكومي وتحفز الناس على التفاعل معه بشكل إيجابي بل الأكثر من ذلك أن و سائل الإعلام الرسمية خلال الأشهر القليلة الماضية كادت أن تنزلق باتجاه خطير وتحولت من صياغة الخبر إلى صلف مخيف يقود إلى الهاوية وينحرف عن المهام الأساسية للإعلام الرسمي. إن العودة إلى جادة الصوب والانحياز المطلق للوفاق الوطني بات اليوم ضرورة دينية ووطنية و إنسانية الأمر الذي يحتم على وسائل الإعلام الرسمية بدرجة أساسية أن تلتزم في صياغة الأخبار وعرض الآراء وتقديم مختلف فنون العمل الإعلامي بسياسة الوفاق الوطني وتكون وسيلة نقل أمينة للأخبار والأحداث و لايجوز بأي حال من الأحوال إخضاع الوسيلة الإعلامية الرسمية لتحقيق الأغراض الشخصية و العصبية الحزبية أو الجهوية أو القروية مطلقاً أو إبراز الإدعاءات الوهمية التي يتوهمها البعض. إن للإعلام رسالة تسهم في تماسك المجتمع وتوحده ولا تخوض فيما يفرق المجتمع ويمزقه إلا بما يقتضي المعالجة والمحاورة بالحجة المقنعة، فالإعلام وسيلة لتنمية المجتمع وتعميق مبدأ الولاء الوطني ولا يمكن أن تكون وسائل الإعلام الرسمية وسيلة لإشاعة البغض والحقد والكراهية التي يحاول البعض نشرها والترويج لها من خلال الفهم الخاطئ للحرية. إن الإدراك أن للحرية حدوداً و قيوداً ذهبية أمر لابد منه لأن حدود الحرية تنتهي عند حدود الآخر فلا يجوز تدمير القيم الدينية والوطنية والإنسانية باسم الحرية، ولعل العودة إلى الصواب محمدة ينبغي التمسك بها لكي نخدم الوطن بروح المسئولية الجماعية المعززة للوحدة الوطنية والمحققة للخير العام بإذن الله.