من أصعب الأسئلة تلك السهلة الممتنعة التي تكتشف أنها صعبة الإجابة رغم سهولتها الظاهرة، كأن يسألك أحدهم: لماذا تضحك مثلاً؟ فتجد نفسك متبلداً لأن الإجابة ليست موجودة في متناول اليد، كما كنت تتصور.. فتقول: أنا اضحك لأنني مسرور، وهذه ليست إجابة، لأن السؤال التالي: لماذا أنت مسرور، وقد تجد نفسك في مستشفى الأمراض النفسية، لأنك ستكتشف أنك كاذب وقد تكون في قمة الحزن والكآبة!.. والضحك ليس مرتبطاً بالسرور بالضرورة. اضحك من أجل الدنيا تضحك معي، فأنا أخاف من الدنيا العابسة والناس المتجهمين (الله لا وراكم إلا خير).. ألم يقل الأوائل اضحك تضحك الدنيا معك ... لكنك سترى ان الدنيا مازالت عابسة والناس «غضوبين» عليك لأنك تضحك.. وأحسن واحد يكلمك من «نخره» ويسلمك شره المتطاير وقد يمنحوك شهادة مجنون بالضحك، وقد تطالب بتقديم قائمة أسباب حتى لاتكون قليل أدب، ألم تسمع بالمثل القائل (ضحك بلا سبب قلة أدب) ومع أن مثل هذه الأمثال أو الحكم قيلت بمناسبة محددة نأخذها نحن مسلمات ومطلقات فيكبت أطفالنا ضحكاتهم أمام آبائهم الصارمين وقد يصابون بعاهات نفسية تلازمهم طيلة حياتهم، لهذا أفضل أن أقول أنا اضحك من أجل الضحك فهو يستحق لأن فوائده النفسية والصحية لا تقدر بثمن. أنا أضحك هروباً من البكاء، لأن البديل هو البكاء فإذا غاب الضحك حضر البكاء.. أنا أضحك لكي أتغلب على أحزاني ..(فالعظيم من يضحك وفي عينه ألف دمعة) ..أضحك لأحافظ على قوتي وحتى لا أسقط فيشمت بي الأعداء.. فالضحك عنوان للقوة والجلد والتحمل. أضحك من أجل أن استمر ثائراً وأتحكم بغضبي وأحوله إلى قوة تصرع الأعداء بدلاً من أن يصرعني . أضحك وأنا مثخن بالجراح لأثبت أنني قادر على تحقيق أهدافي.. والأبطال وحدهم من يضحكون وسط الجراح وأمام العواصف، لهذا فقد تحولت (النكتة) إلى وسيلة معينة وسلاح فتاك بيد الشعوب المقهورة والثائرة في حربها مع قوة الطغيان وهيلمان الظلم، والأصل أن يكون لدينا ألف نكته ونكته حول أوضاعنا والبلاوي (المطينه) فكل واحد يأخذ المؤسسة أو المعسكر أو الدولة كلها ويروح بها إلى بيتهم ولا يبالي وكأنها حق أبيه وأمه... وشر البلية ما يضحك. نحن بحاجة إلى مهرجان ومسابقات لأفضل نكته حتى ننفس من الاحتقان وننشر الضحك ونحافظ على الصحة والذائقة العامة.. والشعب الذي يبدع في (النكته) ويستخدمها كسلاح تحرري هو شعب مبدع وجبار لا تقهره الخطوب ولا تعيه الحيل ولايصاب بضغط الدم ولا بالسكر ولا بالشيخوخة ولابالتعب.. وشعب لا يشيخ ولايتعب يحقق المستحيل. [email protected]