يا لسخرية الحياة التي تعطينا القليل رغم كثرتنا في ذاوتنا.. وأحياناً تكون عابثة فتمنحنا أشياء لا نحتاج إليها، فتكون أشبه بمن يعطي شمعة لمن يحلم كلَّ مساء أنه يمسك بالشمس فيسيل الضوء من بين أصابعه.. وتكون ساخرة جداً حين تمنح نظارة شمسية لرجلٍ أعمى.. وتكون قاسية وغير منصفة حين تعاقبنا على نجاحاتنا وطموحاتنا المشروعة.. الحياة التي تمنحك بصيص أمل، فتبتهج به، رغم أنه بصيص، ثم لا تلبث أن تصفعك باليد الأخرى صفعة تجعلك تهابُ البهجة وتخشى الضحك، لأنك في وسط عربي، ولأن الضحك في الثقافة العربية ليس سوى مقدِّمة لنكبات متوالية.. ولأن الضحك كذلك في ثقافتنا تجد الواحد منا بعد أن يضحك كثيراً يقول "الله يسمعنا خير.. ما بعد الضحك هذا إلا بكاء".. الفرحة مخيفة، ونتعامل معها بحذر شديد.. وكأنك لا بد أن تدفع ضريبة باهظة إن ضحكت كثيراً.. ورغم أن العلماء توصَّلوا إلى أن الضحك علاج لكثير من الأمراض النفسية والعضوية، إلا أن الضحك في ثقافتنا قلَّة أدب. ولأنك لم تضحك منذ أسابيع تشعر بكبت شديد، وتروادك رغبة في الصراخ أو العواء كما لو أنك ذئب، دون أن تدري أن سبب هذه الرغبة المكبوتة هو عدم الضحك، لأنك سمعت ذات يوم خطيب الجمعة ينهى الناس عن الضحك والفرحة، مستشهداً بآية تقول "إن الله لا يحب الفرحين".. رغم أن سياق الآية في وادٍ وصاحبنا الخطيب في وادٍ سطحي جداً. إلى هذا الحد يريدون أن يصبغوا حياتنا بالسواد والكآبة.. وكأن الإنسان لا بد أن يحزن في الدنيا لكي يفرح في الآخرة حسب مفهومهم للحياة.. هل سنتوصل إلى اختراع يوم عالمي للضحك!!