“يا صديقي بعض الثمار وفية لبراعمها. فعندما تكتمل ولا يلتقفها أحد تتماسك بعفة وتضمر وتنهي دورة حياتها بأثر جميل. فقط الثمار الرخوة القابلة للتعفن تسقط إلى الأرض وتنغمس في الوحل وتكتسي بعطب عفونة الزهو والادعاء. لا تحفل كثيراً بالمتساقطين والمتساقطات. سيتكفل الوحل بوضع النهاية الملائمة لحياتهم. يبدو أننا نهرول إلى سجال عبثي نحن بغنى عنه. لسنا بحاجة لنتنازع حول صكوك الوفاء والوطنية والشرف. فقط من يفتقر إليها سيستبسل كي يثبتها في نفسه. الوطن أكبر من كل العابرين والمقيمين بالإيجار. هناك سبل أمثل للعمل النافع بعيداً عن النكايات ومقالي طبخ الشرفاء. أظننا سنتوسل المنهج في الحديث والتعبير. هذه طريق أنت تعرفها أكثر من غيرك”... هذه الرسالة التي أعتز بها جداً، رغم انطوائها على شيء من الملامة، وصلتني من صديقي الجميل مصطفى ناجي.. وإذ أعرف أن غصته شاسعة كالبلاد، أعرف أيضاً أن البلاد تضيق عليه كخرم إبرة.. كذلك لنا فقط نشوة المبتسمين المكدودين بذلك النوع من الوجع الشهي باللهفات والفقدانات، إضافة إلى إحساس الصراخ التام في واقع جيد العبث كهذا، واقتسام الخسارات الحلمية الشهمة بالعدل.. وبالعدل فقط. بالتالي كل يوم أتأكد أكثر أن هذه الحياة مجرد سوء تفاهم كما قال إلبير كامو، وطبعاً دون أن ينتبه إلى صوته الذي كان يتكسر حينها يا صديقي. *** أحاول أن أكره اليمن حيث مهانة المتاحات السلبية وبؤس الممكن الإيجابي، فضلاً عن أن معظم الأشياء مغشوشة في اليمن عدا الفقراء الكادحين الذين هم فقط يبقون منبع المحبة الحقيقية ومسارها النبيل اللامغشوش.. *** لا يوجد أحد ببراءة كاملة في هذا العالم.. لقد أذنب كل واحد منا بحق شيء ما.. حتماً..