مرة أخرى أجدني مضطراً لإزعاج فخامة الرئيس هادى رغم تمام علْمي بالمهام الجسيمة على عاتقه و مشاغله الكثيرة ولا يسعنا إلا أن ندعو له و لكل المخلصين بالتوفيق...ما يدفعني لأبعث رسالتي الثانية هو ما نشاهده من مسيرات واعتصامات لمجاميع من شرائح المجتمع، جميعها تقدم مطالب حقوقية بسيطة جدا بل هي ربما في أسفل درجات سُلَّم المطالب الإنسانية الضرورية التي تجيزها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية وحقوق المواطنة... سنأخذ شريحتين منها ربما لأهمية مطالبهم وأيضاً لضرورة الاستجابة لحقوقهم والاهتمام بقضاياهم ... الشريحة الأولى هم منتسبو الأمن والجيش... مطلبهم بسيط وهو حقوقهم الوظيفية و إعادتهم لوظائفهم وصرف حقوقهم المتأخرة (إذا صح أن لهم متأخرات)... ما سمعته أن ما يعرقل الاستجابة لهم هو ما ينسب على بعضهم أنهم في خانة (الفرار) .... أي أنهم فروا من وحداتهم دون إذن كما تقضي بذلك الأعراف... أو أنهم تغيبوا عن وحداتهم بدون إذن مسبق ونراهم يومياً في مسيرات منظمة تجوب الشوارع ... لا شخصي المتواضع ولا أي إنسان سوي يمكن أن يتهاون في أهمية الانضباط العسكري و ضرورة التزام الجميع به هذا إذا كانت المنظومة العسكرية ذاتها (سوية) وتخضع لمعايير العسكرية الصحيحة إدارة وانتساباً... واجبات وحقوقاً ... الكل يعلم ما كانت عليه حالة العسكرة في النظام السابق ... محسوبيات وتجاوزات وتعسفات... الخ.. ولعل أولئك الشباب لم تتحمل ثقافتهم و نخوتهم تلك التصرفات وخاصة الزج بهم في محارق حروب مفتعله لأسباب شخصية ونزوات ذاتية ودون أية داع وطني أو ديني... ومن المؤسف أنهم يدفعون للحروب دون أي ضمان لحقوقهم أو تجهيز يليق بانتمائهم العسكري ... مرة أخرى اكرر بأنني لا أريد أن أدافع عن جنود هم اقدر على الدفاع عن أنفسهم ولكنني ارفع الإشارة للرئيس بأن الدولة إذا تجاهلت مطالبهم ولم تأبه لهم فالساحة تعج بالمتربصين والذين سيسعدهم اقتناص أولئك الجنود الغاضبين المقهورين والعمل على تجنيدهم وضمهم لمعسكرات الإرهاب و عندها ستتضاعف التكاليف المادية والمعنوية وستندم الدولة والمجتمع كثيراً حيث لا ينفع ندم... أنني واثق أن وطنية أولئك الجنود ستقف حائلاً بينهم وبين من سيسعون لتجنيدهم لأعمال الإرهاب ولكن الفقر والجوع والقهر وحوش لا ترحم ... فياسيادة الرئيس وأنت العسكري المحنك بل والسياسي الفطن تدخل، فالأمر يستحق اهتمامك ... وإذا حصل التسامح مع سفاحين وقتلة وأعطي لهم حصانة فهل نصل إلى عند هؤلاء ونتذكر القوانين ونبخل بالعفو؟. الشريحة الثانية هم عمال النظافة والتي للأسف طالها الإهمال والتقصير سنوات وسنوات رغم دورها الهام في خدمة المجتمع والذي لا يقل عن أهمية دور الجنود و يتجاوز بمراحل دور السياسيين توقفهم عن العمل لأسباب مطالب حقوقية لا يجوز أن يقابل بالفلسفة الإدارية أو اللوائح الصماء...فهذه حقوق... فإذا كانوا حالياً مرتبطين بالعمل و استلام أجور – يومية أو أسبوعية - من البلديات أو صناديق النظافة أو المحليات فلماذا إذاً نصم الأذان وننشر لوائح النظام الوظيفي لتقف عقبة أمام إدراجهم كموظفين مثبتين لهم حقوق وعليهم واجبات؟! فهم مواطنون كغيرهم ولهم كل الحق أن يضمنوا مستقبلهم ومستقبل أولادهم ولا يجب لأي كان أن يستهين بآدميتهم و مواطنتهم بسبب لون البشرة أو طبيعة المهنة... مرة ثانية نرفع المناداة لفخامة الرئيس لأن من هم خلف مكاتب الدوائر والوزارات الحكومية تهمهم النصوص قبل أن تهمهم الحقوق...مع العلم أن قانون العمل في اليمن وغيرها لا يجيز استخدام عامل أكثر من أشهر بالأجرة اليومية بل ربما بعد ثلاثة أشهر يلزم إما الاستغناء عنه أو توظيفه إلا إذا أراد العامل البقاء كما هو ووافق صاحب العمل .