لا نريد أن نتتبع مثالب أو نقائص, فكلنا عورات وللناس ألسن. وحسب, نقر بعض الحقائق لها في تاريخ الشعوب صفحات وكتب ومجلدات, ومنها أن حكاماً حكموا الشعوب بالحديد والكهرباء والكلاب البوليسية والكلاب البشرية, ادعو بداية الأمر أنهم رسل العناية الإلهية, لإزالة الظلم والظلام وتحرير شعوبهم من الخوف والقهر والفقر, فما لبثوا أن كانوا أضل وأظلم وأكثر فجوراً وطغياناً, ومن هذه الحقائق أن هناك أناساً على مستوى الجماعات والأحزاب, تظاهروا بالوطنية وادعوا أن لاصوت يعلو فوق صوتهم, فهم (المفتّحون) بين العميان وهم مجد الأمة وشرفها, وكبرياؤها وعنفوانها, حتى إذا ماصعدوا أصبحوا طغاة عمالقة فبغوا وأمعنوا في الفساد. وقد رأيت- وكانوا لي ومازالوا أصدقاء- تقدميين جداً, كنت لاتسمع منهم إذا ماتحدثوا غير عبارات تتفجر حروفها ثورة صاخبة وإذا ماصمتوا ترى الكآبة تدهم قسماتهم, حتى إذا وصلوا تعطّلوا, وقد رأيت وكانوا ومازالوا أصدقاء ملتزمين بالإسلام جداً, علامات السجود تطبع جبهاتهم, يتظاهرون بالورع والتقى والزهادة والصلاح, حتى إذا ماعملوا سفلوا ولاحول ولاقوة إلا بالله. وهؤلاء هم قلة, ولكني أذكر بعض حقائق, علماً بأن كثيراً من أبنائنا وإخواننا لايزالون في (رباط) ما حادوا عن مبادئهم وثقافتهم, بل هم يعيشون مضايقات على كافة الأصعدة, ويدفعون ضريبة الثبات على المبادئ التي اعتنقوها واعتقدوها, أما الذين صعدوا وصلوا وتعطلوا, وأما الذين علوا ثم سفلوا فإنا نذكرهم بحديث أفضل قدوة وأكرم نبي سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التحية والسلام في الحديث الصحيح :(لو أن أحدكم عمل عملاً في صخرة ليس لها كوة “نافذة” لخرج عمله إلى الناس, إن خيراً فخير, وإن شراً فشر), فالتمثيل مجرد دور أو أدوار, سرعان ما يؤديها الممثل, ليعود إلى طبيعته. والطبع يغلب التطبع. في التاريخ كله يوجد أناس لايجيدون غير الانتهاز, والانتهاز في أسفل دركاته, لهم استعداد عجيب على أن يمثلوا أكثر من دور, ويلبسوا أكثر من نص.. وكان من أسباب رفض المصنفات الفنية وبعض الجهات الدينية أنه لايجوز أن تمثل شخصيات الأنبياء والصحابة, فليس مقبولاً أن يمثل هذا الممثل دوراً رومانسياً, يقبّل فيه حبيبته قبلة ساخنة, ليقوم بدور آخر معاكس تماماً ليمثل سيدنا إبراهيم الخليل أو سيدنا الفاروق عمر أو حفيده عمر بن عبدالعزيز.