اشتهر الحمار بالغباء والخيل بالذكاء في كل الثقافات، على الرغم من أنهما من جنس واحد. استحق الحمار هذا الوصف لأنه استسلم للإنسان منذ استئناسه قبل 5000 سنة ولم يحاول الثورة على ذلك. ونتيجة لذلك فقد فرض عليه التخصص في أعمال الحراثة والنقل وهي أعمال متدنية لا تساعد على التخلص من الغباء. لقد أقصي من العيش في الأرض الخصبة لأنه يقنع بطعامه بالقليل والرديء، لذلك فإنه لا يؤكل لحمه ولا يشرب لبنه ولا يستفاد من جلده وشعره وعظامه. عمره الافتراضي متدنٍ. ولم يسمح له بالعودة إلى البراري ليعلم نفسه بنفسه ولم يهتم الإنسان بتدريبه وتعليمه فتراكم عليه الغباء حتى أصبح رمزاً له. . ونتيجة لذلك حافظ الحمار على حماريته، فالحمار هو الحمار من يوم أن خلقه الله والحمار هو الحمار في أي بلد في العالم، إنه يمارس نفس العمل فلا يكل ولا يمل ولا يغير أو يبدع، رغم أنه يمر بعدد كبير من التجارب لكنه لا يتعلم منها. إنه يكرر الأخطاء نفسها مراراً وتكراراً، يتعامل الإنسان مع الحمار من خلال العصا وليس من خلال السياسة أي من خلال الهيمنة.. ولذلك فقد استحق أن يطلق عليه العديد من الأوصاف المذمومة. إنه يحمل الأسفار ولا يستفيد منها، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير، يتميز الحمار بالدم البارد والأعصاب الهادئة والتي تجعل الناس ينسبون إليه الصبر البليد لأنه لا يقدر التكريم ولا يبالي بالإهانة ولا يتأفف من الضرب ولا يتعظ من العقاب، الحمار عادة يشبه أباه في اللون والوزن والطول، أقصى ما وصل إليه الحمار من تطور هو البغل ولكن بمساعدة الخيل لأنه هجين منهما. أما الخيل فقد اشتهر بالذكاء، فعلى الرغم من أنه تم تأنيسه والحمار في وقت متقارب إلا أن الخيل حافظ على بعض توحشه، أي أنه لم يستسلم بالمطلق كما استسلم الحمار، لأنه ظل متمسكاً بالقدرة على الثورة إذا اسيئت معاملته، ونتيجة لذلك فقد حافظ على ذكائه باستمرار. تتمتع الخيول بما يطلق عليه الدم الحار الذي مكنها من مقاومة الاستبداد. وتم المحافظة على ذلك من خلال التهجين المستمر بين الخيول البرية والمستأنسة، فهناك في الوقت الحاضر أكثر من 300 نوع من الخيول. أفضل أنواع الخيول هي العربية!. لأنها قوية وسريعة وتهاجم وتفر وتحافظ على توازنها حتى في أصعب الظروف وجميلة ووفية. إنها تنام مستقيمة ومنبطحة. للخيل ألوان متعددة مما يعكس عليها جمالاً غير عادي.. تتفوق الخيل في العديد من حواسها على بقية الحيوانات وحتى على الإنسان، إذ تتمتع بحدة النظر وقوة الملاحظة والتي تفوق قدرة الإنسان وتستطيع أن ترى في الليل والنهار وفي مختلف الظروف المناخية، وتتمتع كذلك بقدرات سمعية تفوق قدرات الإنسان، وتتفوق أيضاً في قدرة الشم، أما تفوقها في حاسة اللمس فظاهر من خلال مرونة حركاتها المتوازنة حتى في سرعتها القصوى. يتضح ذكاؤها من خلال جمعها بين الشجاعة والحذر، ففي حالة الخطر فإنها تتصرف إما من خلال الاستعداد للفرار وإما من خلال الاستعداد للمقاومة وخصوصاً إذا كان الخطر يهدد صغارها أو راكبها، إنها تجيد العديد من أساليب المقاومة مثل الركل والنطح والعض والجري والمناورة. ومن مظاهر ذكاء الخيل أنها تستطيع أن تتأقلم مع العديد من الظروف الصعبة والتغيرات غير المتوقعة وتقدر الأوضاع التي تمر بها، تميز الخيل بين الطعام الجيد والطعام الرديء، فلا تقبل على الطعام الرديء إلا في حال الجوع الشديد. ومن مظاهر ذكائها إقامتها لعلاقات حميمة مع الإنسان و بقية الحيوانات الأخرى. لكنها رغم ذلك لا تقبل بالإهانة فتظهر عصبيتها عندئذ، وتقدر مشاعر الامتنان عندما يتم تكريمها فتعود إلى الهدوء.. الخيل قابلة للتعليم، بل إنه لا يمكن السيطرة حتى على الخيل المستأنسة إلا إذا خضعت للتدريب المكثف، لا يقدر على ذلك إلا الحيوانات الذكية. ونتيجة لذلك فقد أجبرت الإنسان على التعامل معها من خلال السياسة، فأجبرته على استخدامها في الحروب في الماضي وفي الوقت الحاضر، في الرياضة وفي الترفيه وفي العلاج، ويستفاد من الخيل أيضاً في اكل لحومها وحليبها ويستفاد أيضاً من جلدها وشعرها وعظامها. بل إنه يستفاد من بولها في استخلاص العديد من العلاجات للعديد من الأمراض الخطيرة.. بل إنه يمكن القول بأن الخيل تعلم الإنسان الكثير من المهارات، فركوب الخيل يساعد في تعليم كبار السن أو المعوقين أو المصابين بإعاقات مختلفة لأنه يمكنهم من استعادة قدراتهم من جديد، إنها تمكنهم من استعادة قدرات مثل التوازن والتنسيق والثقة بالنفس والشعور بالسعادة والحرية. الحمار استسلم فلم يتعلم ولم يقاوم فامتهن ولم يستطع الثورة على ذلك، الخيل تعلمت فقاومت كل محاولات الإملاء عليها وثارت على ممارسات الهيمنة وحافظت على هويتها.