المشكلة اليمنية برمتها تكمن في أن النظام ومستشاري السوء فيه كانوا يشيرون على النظام بالانخراط في معالجات سياسية قاصرة، قائمة على مكايدات حزبية، وقائمة على الخلافات الدائمة .. بل لم تكن هنالك نظرة عميقة لهذه المسائل، وبالتالي.. هذه الحالة هي التي أفضت إلى المشكلات المعقدة في شمال الشمال، والجنوب، والوسط، والتهائم .. لكن الفرق بين الحالة الصعداوية والحالة الجنوبية أن حالة صعدة مقرونة باستدعاء مثال ونموذج من الماضي المذهبي بكيفية محددة، لأن الزيدية التاريخية ليست واحدة.. والاستدعاء هنا يطال الزيدية الهادوية، والكلام يطول حول هذا الموضوع.. بينما الحالة الجنوبية تتمحور في استدعاء مثال من الماضي القريب ما قبل الوحدة.. وفي كلتا الحالتين.. كان النظام بسياسة الدعم المُسيّس، والاستزراع، والاستقطاب، يعيد إنتاج المشكلات. كان على النظام أن يتماهى مع الدولة، وأن يعتد بسيادة قانونها القائم على المساواة في الحقوق والواجبات لكل طيوف العمل السياسي والعقدي والاجتماعي، بوصف الدولة مظلة الجمع التعددي والوحدوي.. لكن للأسف الشديد يكمن الخطأ في التسييس الغبي للمعني الوظيفي للدولة، فبعد وحدة مايو عام 1990م مباشرة كان ثمة مشكلة كبيرة يقف خلفها خطأ كبير يتمحور في أن الوحدة كانت ملغومة بعدم تقبُّل التعددية السياسية حتى نهاياتها، وبالتالي كان هنالك نوع من المكايدات بين الأحزاب السياسية المختلفة، وتم ترجمة هذه المكايدات بين الإصلاح والمؤتمر في صعدة، وكان دعم السلفية الجهادية في صعدة هو شكل من أشكال المكيدة السياسية التي تستهدف حزب الإصلاح، باعتبار المكون الغالب للإصلاح هو مكون إخواني .. بالمعنى الأيديولوجي للكلمة، ولهذا عندما نستعيد خطابات المرحوم مقبل الوادعي وتعليماته التي كانت تنشر في كاسيتات، سنجد أنه هاجم حزب الإصلاح أكثر من مرة ، لمجرد قبول الأخير بالمشاركة في الحكم والقبول بالتعددية السياسية، وكان هنالك طرف سياسي يدير أو يعتقد أن عملية التعددية السياسية طارئة على المجتمع اليمني، وأنها ليست مقبولة بأي حالٍ من الأحوال، وأنها لا بد أن تكون ملغومة من داخلها. [email protected]