التهيئة لانطلاق الحوار الوطني تحتاج إلى اصطفاف شامل للناس كافة ، وهذا يتطلب الكف النهائي عن الشعارات الثورية والتصريحات النارية من كل الأطراف وانتهاج سياسة إعلامية تعتمد الوطن أولاً وأخيراً وتمنع الانتهازيين من المماحكة والتشفي في الوطن، وتقف في وجه أصحاب الأهواء والنزوات والباحثين عن الشهرة على حساب الوحدة الوطنية. إن اليمن اليوم أمام مهمة وطنية تحتاج إلى تكاتف الناس جميعاً في سبيل إنجاحها وتجاوز التحديات الداخلية والخارجية لأن الوصول بالوطن إلى بر الأمان مسئولية كافة المكونات البشرية الساكنة على رقعته الجغرافية ، وهذه المسئولية ضرورة من ضروريات الحياة الآمنة والمستقرة والموحدة ، وهذه الضرورة الحياتية لا يؤمن بها تجار الحروب وصناع الأزمات وأصحاب الأهواء العدوانية وإنما هي محل إيمان مطلق في قلوب الوطنين النبلاء والشرفاء الذين يدركون المعاني والدلالات الوطنية والمدنية والإنسانية للأمن والاستقرار. إن المسئولية الوطنية والدينية والإنسانية تفرض على كل وطني غيور الوقوف بجدية أمام مستجدات الحياة السياسية الملتهبة ليعمل من أجل انجاح الحوار وتجاوز الخطر الذي يهدد الحياة الإنسانية ، وهذا الفعل ينبغي القيام به بمسئولية تفرض على المخلصين التفكير في مستقبل الأجيال وبما يعزز الوحدة الوطنية . إن المشهد السياسي المعقد لم يعد يحتمل المماحكة والغدر والنكاية ، كما أن المواطن اليمني البسيط بات على قدر كبير من المعرفة بأخطار المستقبل القائم على الكيد السياسي والنكاية بالوطن وعدم الوفاء بالالتزامات ، ولذلك ينبغي الوقوف أمام الانحرافات الإعلامية أو الإرشادية بجدية ، لأن الالتزام بالثوابت الوطنية وتجسيد مفهوم الوفاق الوطني هو البوابة الآمنة لانطلاق الحوار الوطني . إن الشعب اليوم لم يعد يقبل بالكيد السياسي وبات يدرك من في قلبه مرض وحقد على الشعب ، ولم تعد تنطلي عليه الشعارات والدعايات الكاذبة التي تريد تمزيق وحدته الوطنية ولذلك على القوى السياسية كافة أن تدرك الحقيقة ، وتعمل على إزالة القول والفعل الذي دأبت عليه لتوتير الحياة السياسية ، وعليها أن تدرك أن زمن الوصاية الأبوية لم تعد ممكنة اليوم ، لأن الشعب قد اختار وحدته وأمنه واستقراره ولايمكن أن يفرط في هذا الاختيار الذي استمد قوته من الخير الشامل للناس كافة بإذن الله .