«الحوار» هذا العنوان الذي أصبح يتصدر قائمة اهتمامات قيادتنا السياسية ممثلة بالأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية لم يعد كحدث يجب أن يكون ذلك الحلم الذي قد يتحقق وقد لا يتحقق؛ ولم يعد تلك الفكرة التي قد تخرج إلى أرض الواقع وقد لا تخرج أبداً.. ولم يعد عملاً سياسياً خاضعاً لأهواء وأمزجة الفرقاء السياسيين على الساحة اليمنية يتحقق وقتما شاءوا وكيفما شاءوا ويتعثر وقتما يشاءون.. لا.. الحوار اليوم أصبح فعلاً لابد منه في إطار ما رسم له من مساحة للتحاور بين المتحاورين وفي إطار الزمكنة المحددة له سلفاً.. أما أفكاره ومحاوره ومحاوروه فإن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية قد حددت ذلك، بمعنى أن الحوار أصبح البدَّ الذي ليس منه بدَّ. من أجل ذلك فإن من يقف أمام تحقيق إجراء عملية الحوار الذي ينتظره الوطن والشعب بفارغ الصبر إنما كمن يقف في وجه السيل ليرجعه إلى الوراء.. وهذا ما يجب على كل المتطفلين على الوطن والمواطنين اليوم أن يفهموا جيداً أن الفوضى والعمليات الإرهابية وتصعيد مظاهر التوترات في بلادنا لن تستطيع عرقلة إجراء الحوار وجلوس كافة ممثلي فئات الشعب على طاولة المودة والمحبة والتسامح والتنكر للذات والعمل بروح المسئولية والشعور الوطني الصادق من أجل اليمن. لهذا فلتسمُ كل النفوس التي مازال فيها بقايا من مرض وتكن بحجم اتساع الوطن لها وبحجم صبر الشعب على حماقاتها المتكررة.. وليس من سبيل إلى ذلك إلا بغسل الأحقاد والأهواء المتعفنة بماء الإيمان اليماني والحكمة اليمانية، وإلا بصفاء الضمائر المخلصة لله والوطن بعيداً عن خدمة الأجندة المعادية للمصالح العليا لليمن واليمنيين وبعيداً عن تصفية الحسابات الشخصية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. إن الوطن اليوم أصبح في أشد الحاجة أكثر من أي يوم مضى إلى الحوار الشفاف والصادق النوايا بين أبنائه جميعاً وبمختلف توجهاتهم وقضاياهم، واليمنيون ليس غريباً عليهم تحقيق مثل هذه الخطوة والنجاح فيها بما تتوافر لهم من مقومات فكرهم المستنير وإيمانهم الراسخ وحكمتهم الرشيدة، ويكفي الوطن والشعب ما عانوه طيلة الأزمة على امتداد عام ونصف العام تقريباً. إننا نثق في شخص الأخ الرئيس بأنه لن يتهاون أو يتسامح مع أي طرف سياسي أو اجتماعي أو عسكري ...إلخ يقف ضد نجاح إجراء عملية الحوار المنتظر.. مثلما نثق كل الثقة في أن الأطراف السياسية التي وقعت على المبادرة والمعنية بالدرجة الأولى بالحوار القادم في أنها لن ترتكب أية حماقات تؤدي إلى عرقلة أو رفض إجراء الحوار مثلما حدث مع بعض بنود المبادرة وخطوات تنفيذها.. وذلك لأن تلك الأحزاب السياسية ليست في حاجة إلى فقد مصداقيتها أو ما تبقى منها أمام الشعب الذي ينتظر الخروج من معاناته بالحوار الهادف والبنّاء والصادق. فليكن شعارنا الوطن فوق كل اعتبار ويكفي مكايدات، وعلى حكومة الوفاق التي تحكمنا اليوم أن تتدارك أمرها من خلق وتفعيل ”الوفاق” الحقيقي كي يكون التهيئة الوطنية الفاضلة للعبور إلى مائدة الحوار القادم بروح يسودها الإخاء الوطني والحب الكبير لمصلحة العليا. أما أن تظل الحكومة على حالها الذي هي عليه الآن فإنها أيضاً سوف تسقط في عيون المرصد الشعبي والأشقاء والأصدقاء رعاة المبادرة الخليجية، أما الحوار فإنه سوف يكون وسوف نصل بإذن الله إلى شاطئ المستقبل المنشود مع كل الشرفاء المخلصين لهذه الأرض الطيبة وهذا الشعب الأصيل.. وبالحوار وحده سوف تمضي قافلة البناء لا الهدم والوحدة لا التشطير والأمن لا الخوف والإرهاب إلى بر الغد الذي سوف يأتي ملبياً لكل طموحات أبناء الوطن الواحد الموحد ولسوف يسقط مهزوماً على الطريق كل أعداء الوطن. قال تعالى: {فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} صدق الله العظيم.