تتصدر القضية الجنوبية وقضية صعدة, والعدالة الانتقالية والدستور الجديد, اولويات مؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده وفقا لآلية المبادرة الخليجية, غير ان متطلبات البدء بهذا الاستحقاق أهم من الحوار نفسه. فلكي يتوافق الجميع على الانطلاق الجماعي, يجب عليهم اولا الاتفاق على الأطر المرجعية الدولية والإقليمية والمحلية لعملية الحوار, من حيث شروطه ومهامه والزمن المحدد له وضمانات الالتزام والتنفيذ لمخرجاته وطريقة تشكيل لجانه. كل هذه العوامل تستلزم وجود اللجنة المفترضة لتفسير بنود المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة المرجع الاساسي لعملية انتقال السلطة. إن الاعداد الجيد والكامل لمؤتمر الحوار الوطني, يحتل اهمية بالغة ويتوقف على نجاحه كامل العملية الانتقالية والصفة السلمية لها لأسباب عديدة اهمها: 1 - ارتباط عملية الحوار باربع قضايا جوهرية تمس كامل الوطن وكل مواطن هي: القضية الجنوبية وقضية صعدة والمصالحة الوطنية ودستور الدولة اليمنية الجديد الذي يحدد شكل الدولة ونوعها ومهامها وطبيعة التعاقد الاجتماعي بين الشعب وممثليه في سلطات الدولة الرسمية. 2 - لمناقشة قضية الجنوب وصعدة, يجب البدء بإعادة الحقوق المنهوبة ورد الاعتبار كبادرة حسن نية, ولإظهار الرغبة الحقيقية والصادقة في تصحيح مسار الوحدة, والتي قد تساعد في الوصول مبكرا الى مفهوم موحد لشكل الدولة في الدستور الجديد. 3 - اشراك الجميع في الحوار الوطني لا يعني الاحزاب التي تفرض نفسها بقوة السلاح او القوة القبلية والتهديد والتخريب وغير ذلك, بل المكونات الحقيقية للمجتمع في كل المحافظات حسب عدد سكانها. حيث يتم تقديم ممثلي كل محافظة من نفس المحافظة ووفقا للتركيبة الاجتماعية والسياسية فيها, على ان يشمل ذلك نسب محددة وواضحة لمشاركة الشباب والمرأة والاحزاب الخ دون تداخل, وبحيث لا يسيطر حزب او فصيل او جهة على تشكيلة ممثلي المحافظة مطلقا. 4 - لبدأ حوار وطني حقيقي قابل للنجاح, يجب تطبيع الاوضاع الاجتماعية والمعيشية وغيرها للمواطن عبر اطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين خلال العام الماضي ومن الحراك الجنوبي, والكشف عن مصير المختطفين والمخفيين, وإعادة المفصولين والمتقاعدين قسريا الى وظائفهم, والاهتمام الفعلي بالجرحى والمعاقين واسر الشهداء, والحجز على الممتلكات المنهوبة سواء كانت مملوكة للدولة او للمواطنين, , واعادة الخدمات الضرورية من كهرباء وماء وغيرها الى طبيعتها الاعتيادية. 5 - تقديم مشاريع القوانين المتعلقة بالعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية والتدوير الوظيفي للمناصب القيادية والإدارية, وإصلاح الوضع الدبلوماسي، وإعادة تشكيل مكاتب رئاسة الجمهورية وأمانتها العامة, ومنح القضاء استقلالا حقيقياً. 6 - لخلق اجواء مساعدة يجب اتخاذ اجراءات مشددة وفعالة تجاه وسائل الاعلام المقروءة والمكتوبة والمسموعة والمرئية والالكترونية, التي تخالف اجواء التهدئة المطلوبة لاستمرار عملية الانتقال السلمي للسلطة, ووقف المؤتمرات الصحفية والتصريحات لجميع الاحزاب والشخصيات والمنظمات, على ان تقوم الحكومة بتعيين ناطق رسمي وحيد باسمها وناطق باسم المؤسستين العسكرية والامنية. 7 - إخراج جميع الوحدات المسلحة من العاصمة والمدن الحضرية, وإعفاء القيادات العسكرية والأمنية المعرقلة لتوحيد القوات المسلحة والامن، ودمج كل الوحدات العسكرية المسلحة تحت قيادة وزارة الدفاع, وكل الأجهزة الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية، وتشكيل وحدات الحرس الرئاسي من مختلف تشكيلات الجيش ومن مختلف مناطق اليمن, وبعدد وعتاد يتناسب مع وظيفتها. 8 - الامتناع عن توظيف الدين ودور العبادة لاغراض سياسية او انتخابية, ومراجعة التشكيلات المختلفة لمن يسمون انفسهم علماء اليمن سواء هيئة او جمعية او سلفيين او حوثيين او انصار الشرعية وغيرهم, ومطالبتهم بتسجيل تلك المؤسسات رسميا وتحديد وظيفتها وطريقة عملها واعلان التزامهم بالدستور والقوانين اليمنية النافذة...الخ. هنا ليس المطلوب تحقيق جميع هذه التفاصيل دفعة واحدة والانتظار حتى اكتمالها ومن ثم البدء بالحوار الوطني, بل يجب العمل بالتوازي وبشكل متوازن والبدء بالخطوات غير المعقدة. فعلى سبيل المثال اخراج الوحدات العسكرية المسلحة من العاصمة والمدن وتفعيل وظيفة وزير الدفاع بالتزامن مع اعداد مشروع قانون للقوات المسلحة وآخر للامن يتضمن الهيكلة. اطلاق سراح المعتقلين بالتزامن مع تقديم قانون المصالحة والعدالة الانتقالية الى البرلمان متضمنا الالتزام باعادة الحقوق الى اصحابها, وهكذا. نتمنى من الله العلي ألقدير ان يوفق الجميع الى ما فيه الخير والصلاح لبلادنا وشعبنا.