وأسألُ الربيع العربي وما جاوره من مخرجات ومخزيات وأنين وتوهج : توهمتكَ حلماً.. وملاذاً تكاد أن ترقص له أكوان الإنسانية .. ولكنني رأيتك حقيقة مُضنيةً لعيال الحرام وواقعاً قذراً لعشّاق الغفلة .. وهم يتواطأون مع الريح لاقتلاع بيوت العناكب في تشكيلتها الأولى .. قبل وجعٍ من حلمٍ ونهدة من فقدانٍ لن يبارح قلوب الثكالى . أيها الربيع الآتي من استغلال نصّ قرآنيّ .. وتحريفٍ لأثرٍ نبويّ .. وقيثارة رقصةٍ غجريّةٍ احتفى بها معتوهو ذلك الفضاء الذي لا يشبهنا لكننا نحاول اللحاق به في كل سافلةٍ ونطيحة .
أيها الخريف الذي تلمّسناهُ بأرواح تمسّكنا به دون وهن .. وطاردتنا هواجسه العصيّة في زحام المواعيد الخجلى لأنسنة الحلم .. وحين أدركنا اللقاء غمرتنا أمطار الهروب إلينا إلى واقعنا المذبوح على جيد الوقت والقبيلة الفاشلة. وحين اختلطت صور الشهداء بأرصفة العويل .. بزغت أنجم القافلة الوحيدة وهي تدرك دوماً ما تبقّى من لوعة الانتظار .. وتتبرم ساعة القنوط .. وساعة الخلاص في دورته الما قبل الأخيرة . فالفجر لا يأتي دون مساءٍ ننشد فيه حكايات المراسيم المسكونة بنا.. ولن تشعلنا خطوات العتمة لنصل ونحن على مفترق أمل .. لتظل لشطآن الحلم أمواجٌ دافقة من موعدٍ يبوح بنا ولا يجيء . نعم أيها الصيف المتكوّر في لثغة أطفال الفيد .. وفتاوى الخديعة .. للفارس وجهته .. وللدروب أوارها .. وللفرائح متكأ لا يمتّ إلينا بصلة . وليس صعباً أن يُتاح ما ليس متاح .. ولكن الأصعب من ذاك أن يستمرئ قدر الغفوة المتقنة في تباشير المواعيد الواهمة ..فللذاكرة شغف الوصول .. وللسطور ما تبقّى من جذوة .. وحين يغدو المطر شحيحاً إلا من ندىً يصافح وقت الرغبة الحقيرة في الاستحواذ .. ينبت للتجاعيد ألف سؤال .. وآلاف الحكايا الصامتة وهي تمرق في آهة المكلومين دون حقيقة. تُرى أهو الوهم حين يبلغ فينا أشده تسكننا تقاطيع المجهول لترتسم على كفينا مواجيد الرحيل لوطنٍ صامتٍ نعلمه ويجهلنا ! ونلامس فيه غيوم الفجيعة ..ونخبو كرماد سيجارةٍ عالقةٍ في بقايا نافذةٍ مهترئة ! لا أدري ما سيكون .. رغم عثرات ما هو كائن .. ولكنّ حسبي أنّ للحلم سطوته .. وللرياح فواجعها .. فمن يا تُرى سينحني ليمرّ الآخر ؟