الليل شهقة منفى .. ووطني غسق المساء الذي لا يدركه ُ من تمسّك بنهار الخيبة .. نهار التفاصيل المتشابكة .. نهار الصخب العاري من جذوة الطمأنينة. الليل غفران الجنون الآيل لنحيب الإشاعة .. الليل حكاية عذراء يفتقها صباح الحقيقة . إنه الليل.. مرايا هدوءٍ تتفرّس في تقرفص الذاكرة على ناصية الدهشة .. الليل شماعة الصلوات العاجلة .. وحقيقة الحكايا الصلدة في رنين الأرصدة . فمنذ أدمنتُ صلصال سطوة الليل على خلجات أنفاسي المُثقلة بوجيب التشظّي .. وأنا أعزفني على قيثارته بوحاً شفيفاً يليق بهواجس النهار.. وبهجة الصباحات المؤجلة. ولأنه الليل أغنية الهدوء وسمفونية الوجل المتقد بالتأهب .. راهنتُ قلبي كثيراً أن يسرح في أمواجه العذبة وطقوسه العذاب وأسفاره المتوضئة بالحلم .. الحلم الذي لم يمسسهُ نظام أساسيّ لحزبٍ مترهّل . ولأنها ليلتي فهي تركض في التفاصيل العصيّة على النسيان .. تستأنسُ بالذكرى وهي تغمر ضلوع المشتهى .. وتفتك بشراسة الوجع .. تحيله إلى حدائق أمل ورياض بُشرى لصباحاتٍ أكثر إشراقا وتقويماً أعتمدُ على قرابين حظه . هو الليل قديّس الغوايات .. صفيحة التوحد .. تجريب المتاهة في أرقى خيلائها.. نشوة الأصابع العالقة في كيبورد الإنتظار .. لفتة طفلٍ يتثاءب في وجه شمعة .. نهدة ماثلة للبكاء . يبدأ الليل التياعه من أول كِسرة شوق ومن أوسط فتحة نعي ومن آخر ضمّةٍ لم تكن على جيد الرصيف .. هو الليل فلسفة المضنى وهدأة تراشق الخطوات .. نوارة الفؤادِ وجذوة المعنى وصراخ الضلوع المتهدجة في صلوات الفرح . هل قلتُ الفرح! كيف يعبرني الفرح إن لم تكن مقلتاك يا وطني زاد الليل المثخنِ بكلِ نهدةٍ لا تشي بأنفاسِ التفاتتك الساحرة الشقية ! . هو الليل مسافة هاجس .. واجتياز يحتفل بركضٍ يانع يضوع بمصابيح المشتهى وهي تتشرنق في حميمية الآيل للشدو والآتي من زمن البحر في يابسة العرش . هو الليل عويل يفضح ارتعاشة المسافة .. يخترق سواد الطين وينجو ببياض السؤال. هو الليل مقصلة الحكايا.. الليل همهمة دؤوبة تكتظّ بمجايلة الدموع عن أوانها.. إنه غول الوعد .. وسُهد الأسئلة. هو الليل ذاكرة المتعبين .. نأي الفراديس عن دهشتها .. طمع الرماد بأقاصي الشعلة .. مواعيد كاذبةٍ لصباحٍ ترهقه الحقيقة تلثم به وردة بلاستيكيةٍ نيئة . هو الليل سجادة العارفين .. مواويل التائهين .. نجوم تتساقط في حوض أغنيه .. أراجيح أحلام .. ودهسة قدر .. ونكايات تؤجل قدسية الفرح فتثمل في آهه . تعتريني مواجيد الليل.. أنا المقبوضُ من جذع العناء أدندن في فضاءات الحلم .. أهيييييم ولا أستكين.. وأصرخ في ضمير وطني : اقترب أو ابتعد .. أنت فرحة خافقي وحزن تدثري بالفجيعة . وها هو الليل يمرّ عن آخره .. عن حُلمه ومواقيت صلواته .. يمرّ عن وعدٍ قصيّ يرسمني ولا أكاد.. يضنيني ولا أكاد .. يبعثرني ولا أكاد . أيها الليل كأني أتنفس هذا اللون من حبرك .. من جمر ابتهالك .. من أحداق عويلك .. من أشيائك العالقة بي .. وأنضحُ فجري من سوداوية استجابتك لذبول شمعةٍ حدّقتُ فيها فانطفأ دمي .. كما أجفل فمي عن موعد الصرخة الموؤدة في ضمير المؤلفة عقولهم .. والساخرين بكلفة الإقامة في جنّة الوطن . [email protected]