قيم الحوار وآدابه تفرض المتحاورين الالتزام المطلق بالرأي والرأي الآخر، وعدم النفور والتفرد والإدعاء الباطل والخوض في الوهم. معطيات الواقع المعاش، وعدم التحليق في سماء غير سماء اليمن الواحد الموحد الكبير الذي يستوعب الجميع، وتفرض على المتحاورين كذلك البعد المطلق عن الأنانية والذاتية والشخصية والفردية والمناطقية والمذهبية والحزبية، وأن يكون اليمن بكل منظوماته هو الهم الأكبر الذي يحمله المتحاورون إلى طاولة الحوار. إن التعنت والتمترس خلف مواقف وآراء جاهزة بهدف فرضها على المتحاورين لايمكن أن يدل على حسن النية مطلقاً، لأن مفهوم الحوار يعني طرح القضايا الوطنية التي تهم الوطن والمواطن من قلب المحيط الهندي وحتى صحراء الربع الخالي، دون تمييز بين منطقة وأخرى أو تعصب لفكرة محددة سلفاً، وعندما تطرح القضايا والإفكار يتم الحوار حولها وتغليب الآراء المتعددة ودراستها دراسة مستفيضة، ثم الوقوف على الرأي الذي يحقق الإرادة الكلية للشعب. ولئن كان من قيم وآداب الحوار الاستماع إلى الآراء كلها بالتساوي فإن من قيم وآداب الحوار كذلك ضرورة الاستماع المطلق لمناقشة تلك الآراء التي ستظهر عيوب ومزايا الأفكار المطروحة، وبكل تأكيد فإن مرحلة مناقشة الآراء تتطلب أن يكون النقاش علمياً خالياً من العصبية المقيتة وأن من يناقش تلك الآراء لا يهدف الإساءة أو التجريح لأحد بقدر ما يظهر العيب أو الميزة الموجودة في الرأي لمعرفة مدى قربه من الصالح العام أو عدمه. إن سعة الصدر وطول البال وعدم التسرع في إصدار الأحكام الجزافية غير المتضمنة للآراء كلها لأطراف الحوار لازم من لوازم الحوار الوطني الشامل ، فعندما تطرح الفكرة أو الرأي ينبغي الاستماع إليها والإنصات إلى صاحبها بجدية وعندما يبدأ نقاش الفكرة أو الرأي ينبغي أن يكون المناقش أو المحاور متسلحاً بالعلم والمعرفة والمنطق الذي يجعله قادراً على إظهار العيوب والميزات ولديه القدرة على الإقناع دون اللجوء إلى استخدام المصطلحات المنفرة التي تعقد أصحاب الفكرة أو الرأي وإنما البيان العلمي المنطقي المدعم بالحجة والبرهان هو المطلوب بإذن الله.