بعد التجربة التاريخية الناجحة للكتاب الورقي، وبالنظر لتزايد المساهمات والإقبال على هذا النمط من الكتب، ولأن الفضاء الرقمي لخدمة النشر يتميز بتوسيع ملعب المشاركة والتفاعل، حد الاحتياط الوافر لمزيد من التجدُّد المُبْهر، فليس أمام المطبوعة من سبيل سوى التوسُّع المنهجي في خدمة الوسائط الرقمية، من خلال تطوير المواقع الإلكترونية بإصدارات من الكتب الرقمية التي يمكن متابعتها من قبل ملايين المُتصفحين للشبكة العنكبوتية العربية، بالترافق مع إمكانية ناجزة لاستدعاء محتوى الكتاب على أي طابعة تتوفّر لدى المُتلقي. لكن هذا ليس نهاية المطاف، فالكتاب الإلكتروني يمثل عتبة انطلاق لتدوير شامل يتّصل بكل الوسائط المتاحة للتلقّي الرقمي من جهة، كما يتّصل بإمكانية الطبع بحسب الطلب، سواء تمّ ذلك عبر المُتصفّح، أو عبر إدارة تحرير المطبوعة، مما يوفّر بيئة مثالية لا تقل عن بيئة الإصدار الورقي المباشر للكتاب. من تجربتي الشخصية، وخلال الشهرين الماضيين لاحظت تفاعلاً متزايد مع كتاب «الرافد الإلكتروني»، وأدرك الكثيرون أهمية هذا النوع من النشر، بل مُستقبليته المؤكدة، ولاحظ محبو مجلة “الرافد” أن النسخة الورقية يمكن تتبعها بصورتها المُنجزة إخراجياً عبر الانترنت؛ وبالمقابل يمكن قراءة واستدعاء الكتابين الورقي والإلكتروني عبر الإنترنت أيضاً، مما يؤكد تساوي مثابة الكتابين اللذين يتم تسميتهما إجرائياً “الورقي والإلكتروني”، فيما يتشاركان بكونهما يحملان المضمونين الورقي والإلكتروني معاً.. هذ التوليفة المتجددة من الخدمة تضع المطبوعة في قالب مؤسسي يتنامى بتنامي الخدمة الإلكترونية لمحتوى المطبوعة، وما يرافقها من إصدارات . مواكبة العصر الرقمي استجابة منطقية لما يمثله هذا الوعاء من استيعاب وتدوير شاملين للمحتوى الفكري والثقافي للمطبوعة الورقية، وأعتقد أن هذه الميزة ستمنح المطبوعة والقراء، فرصة كبيرة لمزيد من التفاعل الخلاق، وكثيراً من النشر المفيد، ودونما تقاطع سلبي مع ما عُرف في النشر الورقي من رصانة وتقاليد حميدة، سواء لجهة الخطاب ذي المرجعية العاقلة الرشيدة، أو لجهة الانفتاح على تيارات الفكر والمعرفة والثقافة في عموم الذاكرتين العربية والإنسانية. [email protected]