اتجه كثير من شبابنا إلى الإبداع الأدبي، فتياناً وفتيات، وهذا شيء طيب، ولقد برز أيام الأحداث الأخيرة في بلادنا شباب يكتبون المقالة السياسية، وكثير منهم موفقون مع إيجاد العذر لهم؛ لعدم تمكنهم من المعلومة الصحيحة، وهو ما يوجب اللوم على جهات الاختصاص، حتى إن الأستاذ عبده الجندي وهو لايزال شاباً كانت تنقصه المعلومة، وهذا أمر لا يحتمل من عصر لم تعد تخفى فيه خافية. في المقال السياسي الحزبي تستهويني كتابة الأخ أحمد عثمان؛ يحتمل أن يكون إخوانياً، لاإصلاحياً – الفرق من وجهة نظري - أن الإخواني مؤسس بفتح الشين على مفهومات وسطية وثقافة معرفة مجربة، بخلاف الإصلاحي المستقطب بطائقياً طبعاً ولا أعمم الحكم. أحمد عثمان يبدو من خلال كتابته حزبي وسطي، سهل الأسلوب، صادق التجربة، غيور على الدين، يمقت الجهل ولو كان صاحبه حزبياً، ومتحرراً يكره الغلو والتشدد، ويمل ثقافة الطبع - وقد يكون مؤتمرياً - أما الكاتب الآخر فهي نجلاء البعداني، فكرتها واضحة، يبدو عليها الانفعال والحماس، صادقة، مرتبة الأسلوب، جريئة في الطرح، ومن جيل الشباب أيامنا هذه هذه فتحي أبو النصر، منثال الأسلوب، يتميز بنمو الفكرة وجرأة المواجهة ومغامرة الطرح، غالباً ما يوقع على فكرة واحدة، وكاتب شاب آخر هو وليد البُكس متشبع بقيم ثورية لا يستخدم الكتابة الثانية وإنما يتميز بالمباشرة، ويهتم بجلاء الفكرة ولو كانت صدامية، ويبدو عبدالرحمن غيلان مهتماً بالمجاز؛ فهو مولع بالصورة الاستعارية الخاطفة والفكرة الفلاش. وماتزال آسيا ناصر تبحث عن الأسلوب الذي ستلقاه قريباً بكثرة القراءة، ولا أدري أين غابت الأخت رشيدة القيلي ومسك الجنيد، فهما كاتبتان ممتازتان تخرجتا على مدرسة (الجمهورية) المعطاءة. بين يدي الآن عمل سردي للقاصة الشابة سهير السمان (موعد آخر) وهو عنوان مثير حقاً يعلن ولادة ساردة مقتدرة صادرة عن إبداعات يمانية الطبعة الأولى، مركز عبادي للدراسات والنشر. أقدم لها هنا (اعتذار)؛ إذ تقول فيه: (إلى كل من جرحتهم بقصد وبدون قصد أقدم اعتذاري، ليت أني ذرة تذروها الرياح)، وسأقف على هذه المجموعة في فرصة أخرى.