حرب مشتعلة كان سعيرها يشتد كل يوم في أرحب ونهم وبني جرموز ، وفي تعز والحصبة كانت المعارك قد وصلت إلى مواجهات ضارية اتخذت من وسط المدينة وأطرافها مسرحاً جنونياً.. لعام كامل عاش اليمنيون أجواء الحرب في مشهد مذهل كان يتجه بهم نحو هاوية بلا قاع، تعطلت الحياة واعتاد الناس أن يشاهدوا الجثث والأشلاء والخراب،ولكن عناية الله حالت دون تطبيع هذا الواقع المأسوي وخرجت بنا من هذا المنزلق المقرف الذي كان أشد قرفاً منه تسويغ البعض بأن طلقات الولادة ضرورية لميلاد اليمن الجديد، أقول ذلك لأن هذه الطلقات لم تقف عند حدود الأزمات وتحمل الشدائد وأثقال الفوضى، وإنما كان أبرز مشاهدها طلقات الرصاص!! ولأن الشيطان يئس أن يُعبد في جزيرة العرب فقد كان للإخوة الأشقاء في السعودية والخليج أن تداعوا لانتشال اليمن من هذا الوضع المخيف بإيجاد صيغة توافقية للحل أخلصوا في صناعتها، وتحملوا المشاق من أجل تطبيقها لا سيما الزياني رعاه الله وكان أن عرف اليمنيون طريق النور بعد حياة العتمة والانتقال من جمعة إلى جمعة، وقد تابع اليمنيون ومعهم المجتمع الدولي مسيرة التطور في تحقيق النجاح السياسي الذي رعته المبادرة الخليجية، إذ بدأ النجاح مع توقيع المبادرة ثم آزره تشكيل الحكومة فاستغلظ بتشكيل اللجنة العسكرية ثم استوى على سوقه بإجراء الانتخابات وإجماع اليمنيين على تنصيب الأخ عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية. الآن نحن نعيش في يمن تتحسن كل يوم عافيته الأمنية...يمناً برئيس جديد ممسك بزمام السلطة وقيادة واحدة وقرار واحد وإرادة شعبية تؤيده ودستور ومبادرة يمنحاه كل الصلاحيات ويفوضاه في اتخاذ ما يلزم من أجل هذا الوطن المهم الذي هو بيت للعرب جميعهم ويهمهم سعادته وتقدمه واستقراره. ومهما يكن حجم ما نعانيه اليوم من أزمات سواء ما له امتداد من الماضي أو ما استجد في هذه المرحلة فإن التوازن والاطمئنان عاد إلى النفوس والصورة تأخذ كل يوم خطوة نحو الاتضاح والجلاء. وفي ظل صلابة الإرادة وحكمة القيادة التي ينبغي أن يسايرها رقيّ ونضوج الخطاب الإعلامي سيتغلب اليمنيون على كل التحديات وعدم الانتكاس، ومثلما تضافرت الجهود بين القيادة السياسية واللجان الشعبية لوضع نهاية لقضية إرهاب ما يسمى ب”أنصار الشريعة” في أبين والبيضاء وشبوة فإن الصبر والإصرار على النجاح وصناعة التغيير الحقيقي كفيل بتحقيق التغلب على كل المشكلات والأزمات، ويبقى المهم إخلاص النوايا والتجرد من كل الولاءات إلا الولاء لهذا الوطن ومستقبله وحقه مثل غيره في النهوض والتقدم. أما الحوار الوطني المقبل فإنه خطوة إضافية لصناعة اليمن المستقر الذي سيشارك كل الأطراف والشرائح في رسم ملامحه وتحديد شكله، وهو أيضاً من محاسن المبادرة الخليجية التي تأكد للغالبية أنها رؤية شاملة تريد السير مع اليمن حتى بلوغ كافة الأهداف الأساسية التي سيرسو عليها مستقبل اليمن، وليصدقني القارئ الكريم أن هذا الحوار المنتظر سيضع كل أجزاء الواقع على أرضية مستوية وسينجح بعدها في تعريف اليمنيين كلهم بمن هو عدو وطنهم وأمنه واستقراره ونموه..سيشكف الحقيقة للجميع..سيعري كل من يصرُّ على الشذوذ عن إرادة الكل وتدفعه أنانيته للعبث بحاضر هذا الوطن ومستقبله، وحينها سيتوجب على اليمنيين أن يستيقظوا لحراسة أهدافهم وكلمتهم الجامعة وشعثهم الملموم، ومواجهة الشرور،مهما كلفهم ذلك من ثمن. [email protected]