الواقع القبلي في المنطقة القبلية وفي المنطقة المتبدْونة يسمح بحصد أسرة واحدة على (6) مقاعد في البرلمان، يسمح أيضاً بتوريث مقاعد برلمان كهذا من الآباء إلى الأبناء, هذا الواقع نفسه أنتج عبودية من نوع خاص بين أعضاء النخبة الذين تعلموا من أجل خدمة الواقع القبلي وتكريس السلوك القبائلي وليس من أجل تحويله تحويلاً جذرياً. والتجربة التي عرضتها في الحلقات الماضية تؤكد عدم امتلاك الطبقة السياسية - الطغمة الحاكمة وحلفائها من شيوخ الإقطاع السياسي وفقهاء الجريمة والمعارضة السياسية والثقافية - ثقافة الديمقراطية وثقافة الحرية، وعدم امتلاك المجتمعات في المنطقة لهكذا ثقافة، مما يعني بكل بساطة بأن كل هؤلاء وفي هذه الفترة غير مؤهلين لممارسة عنصر من عناصر الديمقراطية، وهم بحاجة إلى فترة انتقالية قد تطول وقد تقصر لتأهيلهم في مدرسة جديدة تدعى مدرسة “الحرية والديمقراطية” وضرورة إغلاق مدرسة (الشمولية) ومدرسة القبائلية والمتبدْونة إغلاقاً كاملاً، وهو ما يحتاج إلى مشروع اقتصادي – اجتماعي عملاق. وبما أن هذه الطبقة السياسية بضفتيها لا تمتلك ثقافة الحرية وثقافة الديمقراطية فإنها مصابة بكساح ذهني وشلل إبداعي يعجز عن الولوج ولو بقدم عرجاء إلى فناء الدار المدنية؛ إذ كيف نقتنع بما يجري الآن في الوقت الذي نقرأ بأن نظرية الفيدرالية والأخذ بالفيدرالية ومؤامرة الإطاحة بالسلطة المركزية هي مظلة الوطنية. ما يجري الآن هو استدعاء للحروب وتكريس العدائيات والكراهيات، وهو الدوامة للاحتقان الاجتماعي والسياسي المنطوي على أبعاد جهوية وطائفية مذهبية، ومنطقتنا الآن فعلاً متشضية سياسياً، وهي تخضع لخمس سلط متناقضة لا يمكن أن يحل إشكالاتها”مؤتمر الحوار الوطني”. وهذه مراكز قوى تحمل منها أجندتها، وفواتير الاستحقاق مطلوب من المستقبل دفعها دفعة واحدة، وهي لا تقبل التقسيط. وتأسيساً على قاعدة المعلومات السابقة فإن من الضرورة بمكان الاستعجال باتخاذ الخطوات المشفوعة بالإجراءات الآتية: أولاً: تشكيل السلطة التكنوقراطية (الرئيس والحكومة) الرشيدة غير القابلة للمحاصصة بين المكونات السياسية للعملية السياسية، ومهمة تشكيل هذه السلطة تقع على الأممالمتحدة كشريك رئيس في عملية الوصاية الدولية. ثانياً: وقف فوري لأعمال مجلس النواب ومجلس الشورى غير الشرعيين، واللذين لا يمثلان الناخبين في (301) دائرة، واعتبار ذلك الفعل إلغاء لهما إلى أجل غير مسمى حتى الآن. ثالثاً: إحالة أعضاء مجلسي النواب والشورى والحكومة وكل المستشارين لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء إلى المعاش التقاعدي وتسوية الأوضاع المالية لمن يثبت عدم مساواتهم مع أندادهم. رابعاً: اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية الفيدرالية على أساس الانتقاء المتبصر والحكيم بتمثيل متساوٍ بواقع (7) أعضاء لكل محافظة، ليكون قوام الجمعية البشري (147) عضواً، ويفضل أن يكونوا من بين القانونيين والأكاديميين المتخصصين في العلوم السياسية والاقتصادية، وتعامل المحافظات التي لم تنجب نخبة على مستوى عالٍ من الثقافة العلمية بتجاوز مؤقتاً. ويكون أعضاء المحافظة (السبعة) جمعية تأسيسية للمحافظة، تمهيداً لتشكيل سلطة تكنوقراطية مؤقتة، وحتى يتم التقسيم الإداري الذي بموجبه سوف يتم تأسيس الفيدرالية في اليمن ودولتها المركبة المكونة لقوانين الدول المشابهة. وتقوم هذه الجمعية بمهام التشريع للقوانين الفيدرالية العامة ومهام الرقابة على حسن ورشادة تطبيق القوانين واقتراح الإعلان الدستوري المؤقت ومناقشته وإقراره بالتضامن مع رئيس السلطة والحكومة في اجتماع مشترك. خامساً: تشكيل لجنة لإنجاز مشروع الدستور الفيدرالي تمهيداً لمناقشته وإقراره في اجتماعات مشتركة للجمعية التأسيسية والرئيس والحكومة.. يتبع..