يوم يفصلنا عن عيد الفطر المبارك.... ولنا في اليمن عادات خاصة لاستقبال العيد ولا أجمل،عادات لها خصوصية أمهاتنا في غرسها من قيم تراثنا. فمنذ طفولتي وأنا أرى والدتي،وقبل مجيء العيد بأيام تعلن حالة الاستنفار للتجهيز والإعداد لاستقبال العيد ،وتعلن حالة الطوارئ وتلبي نساء العائلة. ويبدأ الجميع بتجهيز البيت وأثاثه من تنظيف وترتيب وشراء أي جديد إن أمكن وتجتمع نساء العائلة،وتملأ رائحة الكعك أروقة بيتنا المتواضع... رائحة محملة بذكريات تمزجها النساء بعجينة الكعك أثناء إعداد “جبل الكعك” والذي نتنافس نحن الاطفال في قياس طوله. ويتلون الكعك وتتعدد أنواعه وأشكاله،فهناك المملح والمسكر ،ونوع يطلق عليه بالعامية«المنقش». هذا الجبل من الكعك يقدم ضمن أطباق العيد،ويذهب معظمه للأهل والجيران والأصدقاء في صورة جميلة لعادات أجمل. أما نحن الأطفال وبالذات “البنات”فنقبع بسكون وصبر غريبين،داخل طابور طويل يضم بنات الأسرة،ونحن ننتظر دورنا أمام«المنقشه»وهي ترسم أجمل الأشكال على أيادينا البضة الصغيرة،أشكال ورسومات لها عبق تراثنا الجميل. إنه العيد وبفرحته يسعد الجميع... إنه العيد...أجمل الأيام... إنه العيد..أجمل الأيام التي نعيش ذكرياتها جميعنا .. إنه العيد..أجمل الأيام والتي نتبادل فيها الزيارات بين الأهل والأصحاب .. أنه العيد..أجمل الايام التي توصل فيها الأرحام وتغرس فيها مبادئ التراحم والتعاطف فترى الرجال يقومون بزيارة الأرحام وتقديم مايعرف ب«عسب العيد»أو «عوادة العيد» كل بقدر حاله،وذلك ترجمة لصدق المشاعر وطمعاً في رضا الرب. إنه العيد ..أجمل الأيام .. إنه العيد ..أجمل الأيام التي مازالت تجمعنا .. إنه العيد ..أجمل الأيام والتي نسأل الله العلي القدير أن نمسح بها آلاماً وأحزاناً عشناها خلال عامين. إنه العيد ..أجمل الأيام والذي نسأل الله فيه أن تمسح كل دمعة حزن وقهر. إنه العيد..أجمل الأيام والذي نسأل الله فيه أن يجمعنا على حب أغلى وطن كما اجتمعنا على حبه وطاعته ، إنه العيد .. أجمل الأيام الذي نتمنى فيه أن يستمتع صغارنا كما استمتعنا به وبجبل الكعك... ودمتم..